نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها ، والخبر الذي روي : أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر صحيح ومعناه من الطينة التي فضلت من ضلعه الأيسر فلذلك صارت أضلاع الرجال أنقص من أضلاع النساء بضلع.
أَقُولُ : فما ورد : أنّها خلقت من ضلعه الأيسر إشارة إلى أن الجهة الجسمانية الحيوانية في النساء أقوى منها في الرجال والجهة الروحانية الملكية بالعكس من ذلك وذلك لأن اليمين ممّا يكنى به عن عالم الملكوت الروحاني والشمال ممّا يكنى به عن عالم الملك الجسماني فالطين عبارة عن مادة الجسم واليمين عبارة عن مادة الروح ولا ملك (١) إلا بملكوت وهذا هو المعني بقوله : وكلتا يديه يمين فالضلع الأيسر المنقوص من آدم كناية عن بعض الشهوات التي تنشأ من غلبة الجسمية التي هي من عالم الخلق وهي فضلة طينه المستنبط من باطنه التي صارت من مادة لخلق حواء فنبه في الحديث على أنّه جهة الملكوت والأمر في الرجال أقوى من جهة الملك والخلق وبالعكس منهما في النساء فان الظاهر عنوان الباطن وهذا هو السر في هذا النقص في أبدان الرجال بالإضافة الى النساء وأسرار الله لا ينالها إلّا أهل السر فالتكذيب في كلام المعصومين انما يرجع إلى ما فهمه العامّة من حمله على الظاهر دون أصل الحديث.
وفي العلل عن الصادق عليه السلام : أنه سئل عن بدو النسل من ذرّية آدم وقيل له ان عندنا اناساً يقولون ان الله تعالى أوحى إلى آدم أن يزوج بناته من بنيه وأن هذا الخلق أصله كله من الاخوة والأخوات فقال سبحان الله وتعالى عن ذلك علواً كبيراً يقول من يقول هذا ان الله عزّ وجلّ جعل أصل صفوة خلقه وأحبائه وأنبيائه ورسله والمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات من حرام ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطهر الطاهر الطيب والله لقد نبئت أن بعض البهائم تنكرت له أخته فلما نزل عليها ونزل كشف له عنها وعلم أنّها أخته أخرج عزموله (٢) ثم قبض عليه بأسنانه ثمّ قلعه ثمّ خر ميتاً ، وفي رواية أخرى
__________________
(١) قوله : لا ملك الا بملكوت أي ليس عالم المادية الا متقوماً بالنفوس الروحانية.
(٢) العزمول بالضم الذكر (ق).