والحديث الأخير يعطي أن لسماع صوت الأجنبية مدخلاً في الحرمة فليتأمل.
وفي مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام أنّه قال : من قرأ القرآن ولم يخضع له ولم يرقّ عليه ولم ينشئ حزناً ووجلا في سره فقد استهان بعظم شأن الله وخسر خسراناً مبيناً فقارئ القرآن يحتاج إلى ثلاثة أشياء قلب خاشع ، وبدن فارغ ، وموضع خال. فإذا خشع لله قلبه فر منه الشيطان الرجيم وإذا تفرغ نفسه من الأسباب تجرد قلبه للقراءة فلا يعترضه عارض فيحرمه نور القرآن وفوائده وإذا اتخذ مجلساً خالياً واعتزل من الخلق بعد أن أتى بالخصلتين الأوليين استأنس روحه وسره بالله ووجد حلاوة مخاطبات الله عباده الصالحين وعلم لطفه بهم ومقام اختصاصه لهم بقبول كراماته وبدائع إشاراته فإذا شرب كأساً من هذا المشرب فحينئذ لا يختار على ذلك الحال حالاً ولا على ذلك الوقت وقتاً بل يؤثره على كل طاعة وعبادة لأن فيه المناجاة مع الرب بلا واسطة فانظر كيف تقرأ كتاب ربك ومنشور ولايتك وكيف تجيب أوامره ونواهيه وكيف تمتثل حدوده وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ فرتله ترتيلا ، وقف عند وعده ووعيده وتفكر في أمثاله ومواعظه واحذر أن تقع من إقامتك حروفه في إضاعة حدوده.
وروي عنه عليه السلام أنّه قال : والله لقد تجلى الله لخلقه في كلامه ولكن لا يبصرون.
قال أيضاً : وقد سألوه عن حالة لحقته في الصلاة حتّى خرّ مغشياً عليه فلما سرى (سوى خ ل) عنه قيل له في ذلك فقال : ما زلت اردد الآية على قلبي وعلى سمعي حتّى سمعتها من المتكلم بها فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته.
أقول : وللتلاوة آداب أُخر منها ظاهرة كالطهارة والاستعاذة وتعظيم المصحف والدعاء أولاً وآخراً وغير ذلك ومنها باطنة كحضور القلب والتدبر والتفهم والتخلي عن موانع الفهم وتخصيص نفسه بكل خطاب وتأثر قلبه بآثار مختلفة والترقي بقلبه إلى أن يسمع الكلام من الله لا من نفسه والتبري من حوله وقوته ومن الالتفات إلى نفسه بعين