وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ : غطاء وذلك أنّهم لما أعرضوا عن النظر فيما كلّفوه وقصّروا فيما أريد منهم جهلوا ما لزمهم الايمان به فصاروا كمن على عينيه غطاء لا يبصر ما أمامه فان الله عزّ وجلّ يتعالى عن العيث والفساد وعن مطالبة العباد بما قد منعهم بالقهر منه.
وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ : يعني في الآخرة العذاب المعد للكافرين في الدنيا ايضاً لمن يريد أن يستصلحه بما ينزل به من عذاب الاستصلاح لينبهه على طاعته أو من عذاب الاصطلام ليصيره إلى عدله وحكمته.
أقول : الاصطلام بالمهملتين الاستيصال والاستصلاح إنّما هو يصحّ لمن لم يستحكم ختمه وغشاؤه وكان ممن يرجى له الخير بعداً وهو تنبيه من الله له وإتمام للحجة وإن لم ينتفع هو به.
(٨) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ.
أقول كابن أُبيّ وأصحابه وكالأول والثاني واضرابهما من المنافقين الذين زادوا على الكفر الموجب للختم والغشاوة والنفاق ولا سيما عند نصب أمير المؤمنين عليه السلام للخلافة والإمامة.
أقول : ويدخل فيه كل من ينافق في الدين إلى يوم القيامة وإن كان دونهم في النفاق كما قال الباقر عليه السلام : في حكم بن عتيبة إنّه من أهل هذه الآية (١).
وفي تفسير الإمام ما ملخصه أنه : لما أمر الصحابة يوم الغدير بمبايعة أمير المؤمنين عليه السلام بإمرة المؤمنين وقام أبو بكر وعمر إلى تسعة من المهاجرين والأنصار فبايعوه بها ووكد عليهم بالعهود والمواثيق واتى عمر بالبخبخة (٢) وتفرقوا ، تواطأ قوم من متمرديهم وجبابرتهم بينهم لئن كانت بمحمّد صلّى الله عليه وآله وسلم كائنة ليدفعن هذا الأمر عن عليّ عليه السلام ولا يتركونه له وكانوا يأتون
__________________
(١) قال مجاهد أربع آيات من أول السورة نزلت في المؤمنين وآيتان بعدهما نزلتا في الكافرين وثلاث عشرة آية بعدها نزلت في المنافقين. منه قدّس سرّه.
(٢) البخبخة : قوله بخ بخ لك يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة. منه قدّس سرّه.