عطاشى (فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ).
فلو لا إرسال الرياح لواقح وإنزال الماء من السماء (وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ) لظللتم عطاشا! وكيف تحزنون الماء ، إماء الأرض وهو صاعد أبخرة الى السماء ، ام ماء السماء وهو نفسه ماء الأرض النازل منه وهو صاعد على طول الخط ، عملية اتوماتيكية بارادة الله فأين الاختزان؟ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) (٦٧ : ٣٠) غورا في الأرض ام غورا في السماء ، فأنتم دائبون في رحمة الله المتواترة المتواصلة ، لو انقطعت عنكم لفترة كان فترة في حياتكم على قدرها.
وهذه الآية اليتيمة المنقطعة النظير في لاقحات الرياح تحمل ملاحم غيبية ما كانت البشرية لتعرفها في سالف الزمن وعلى طول الخط ، اللهم إلّا شطرا منها أخيرا ، وعلّه على ضوء آية اللقاح! نرى الزهور ـ على اختلاف أجناسها ـ بحاجة ماسة بعضها الى بعض ، فمنها ما خلق الله فيها الطّلع ومنها ما يقبله ، وكما النخل فان لها ذكورا وإناثا ، فطلع الذكور يلقح الأناث ، وهكذا جميع الأشجار تتزاوج بلقاح ، ومهما كان الورد والرمان يلقح بواسطة الحشرات ، نرى كبار الأشجار ـ كما النخل ـ والصنوبر والغار ، ان لها تدبيرا آخر ، حيث الرياح مسخرة لعملية اللقاح بين ذكرانها وإناثها.
وقد شوهد في بلاد (استكلندة) غبار من طلع بعض الأشجار يمرّ في الهواء كأنه سحب تزجيها الرياح ، ثم يؤلّف بينها ثم تصير ركاما ويراها الناس بأعينهم المجردة تلقح إناث تلك الأشجار!.
(وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوارِثُونَ)(٢٣).
تأكيدات اربع : «ان ـ ل» وجمعيتي الصفات «نا ـ نحن» حصرا للإحياء والإماتة في ذاته المقدسة وحسرا عمن سواه ، وصلة الإحياء والإماتة