ومن ثم (وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) الذين اسلموا ولما يؤمنوا ، فإنهم يهتدون على نجومه المتواترة المتقاطرة ، فلو انزل دفعة واحدة كان عبئا عليهم بل وعلى المؤمنين أيضا.
كما وهم يستبشرون بنجومه العدّة تلو بعض ولصق بعض ، حيث تزيدهم إسلاما على إسلام ومن ثم ايمانا ، ثم (هُدىً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ) المتكاملين في الايمان ، تسليما لله خالصا دونما أية شائبة.
ف «المسلمين» هنا تعم مثلث الإسلام ، الإيمان وقبل الإيمان وبعد الإيمان في تكامله ، ففي أصل نزول القرآن آية معجزة أخيرة ، وفي تنزله نجوما هدى متواصلة وبشرى للمسلمين أيا كانوا وأيان (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)!
ففي تنزيل روح القدس هذه الآية الأخيرة جنبات عدة من المصلحة ، لصالح المؤمنين والمسلمين ، ذودا عن التبنّي لله او الإشراك به في سواه ، وعن خمول الايمان أم زواله بخمول الآية المعجزة ام زوالها بزوال الرسول.
(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) ١٠٣
فرية قاحلة خاوية اخرى على رسول الهدى (إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) ومن هذا الذي يعلمه القرآن ولا يدعيه هو لنفسه؟ واي بشر او غير بشر ممن سوى الله يقدر على ان يأتي بسورة ام آية من مثله؟ والقرآن بنفسه آية كونه من عند الله : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)!
ثم و (لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ) ـ أيا كان سلمان وسواه ـ (١)
__________________
(١) قيل إنه سلمان الفارسي كما في الدر المنثور أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : كانوا يقولون انما يعلمه سلمان الفارسي وانزل الله ... ـ