(رُبَما يَوَدُّ ..) ولكنه حيث لا ينفع التمني ولا يجدي الوداد ، وذلك تهدّد خفي واستهزاء ملفوف بالذين كفروا منذ الموت ، وحث على انتهاز الفرصة المعروضة للإسلام قبل الموت.
«ولو انهم يودون هنا لو كانوا مسلمين وما هم بمسلمين فإن هم إلا كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون» ف :
(ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٣).
«ذرهم» في خوضهم يلعبون ، حين لا يرجى منهم إسلام وهم يترجون ، أتركهم وما هم فيه من حيونات الحياة وشهواتها «يأكلوا» حيث هو بغيتهم من الحياة «ويتمتعوا» بسائر المتع البهيمية (وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ) البعيد الطويل في الحياة الدنيا عن الحياة الاخرى إذ لا يعلمون : (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) (٣٠ : ٧)(فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) منذ الموت والى القيامة الكبرى حين يرون العذاب ، يعلمون انه الحق من ربهم ، عين اليقين ، مهما كانوا يعلمون هنا علم اليقين (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) (٢٧ : ١٤).
فيا لصاحب الأمل الخاطئ الخابط من خبط وخطل «يتعاطى الأمل فيختلجه الأجل دون ذلك» (١) فهو عائش بين الأمل والأجل ، ولكن لا يمهله الأجل ، مهما أهمله الأمل.
فانما أخاف عليكم اثنتين : اتباع الهوى وطول الأمل ، اما اتباع
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٩٤ ـ اخرج احمد وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) غرس عودا بين يديه وآخر الى جنبه وآخر بعده قال : أتدرون ما هذا؟ قالوا : الله ورسوله اعلم قال : فان هذا الإنسان وهذا اجله وهذا أمله فيتعاطى ..