(٢ : ٢٨) حين كنا أجنّة في بطون أمهاتنا (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) الى البرزخ (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) الى الآخرة (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) في حياة الحساب.
وكذلك الحياة الروحية حيث (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ..) (٢ : ٢١٢) كإحياء اوّل بأول النبيين ، ثم أرسلنا رسلنا تترى إحياء بعد إحياء!.
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) ٦٦.
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً) تعبرون بالإبصار إليها فإبصار بها الى حق المبدء والمصير ، حيث تعبر بصائرنا بأبصارنا من هذا المعبر المعتبر الى حقائق علمية جمة ما كانت البشرية لتعرف منها إلّا ظاهرا بسيطا ، والحال عرفت مبسّطا منها وسيعا ولمّا تصل الى كمالها وتمامها.
هنا «نسقيكم» إفعالا ، والسقي مجردا متعد بنفسه الى مفعولين اثنين (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) (٧٦ : ٢١) فلما ذا نسقيكم؟.
ان السقي هو الإشراب ، وهو طبعا بالماء ، والإسقاء هو جعل غير الماء كالماء شرابا ، فأسقاه إذا جعله شرابا ، فقد جعل الله لبنا خالصا سائغا شرابا كما الماء للشاربين ، فهو كالماء فيه الرواء وزيادة هي الغذاء ، وهو كثير كالماء ، فلذلك كله «نسقيكم» دون «نسقيكم» او «نشربكم».
ثم الماء قد لا يكون سائغا لما فيه من خليط ام غيار في لون او طعم ، ام يغص به الشارب غصة ، ولكن اللبن خالص من كل خليط غير صالح وهو لا يغص على أية حال ، وعلى حد المروي عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «ما شرب أحد لبنا فشرق ان الله يقول : (لَبَناً خالِصاً سائِغاً