إذا فعموم قدرته تعالى ليس إلا لعموم الممكنات : المعدومات المتمكنة للإيجاد ، والموجودات المتمكنة للتغيير والتحوير ، أو الانعدام ، فهي كلها أشياء معنية ب «كل شيء» دون المحالات الذاتية فإنها ليست شيئا لكي تتعلق بها القدرة ، ودون الموجودات في وجوداتها ، فإن الموجود لا يحتاج إلى الإيجاد ، اللهم إلا إبقاءه فإنه أيضا بحاجة إلى القدرة والعناية الإلهية كما في بداية وجوده ، إذا فليست القدرة الإلهية فوضى تتعلق بالمحالات لكي تبرز الفلسفة الكنسية تقولها في الثالوث ، المستحيل عقليا ، وان الابن إله ، مولود منذ الأزل ، غير مخلوق ، وأن الإله المجرد اللامحدود حلّ في الجسم اللامجرد المحدود (١).
(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) : ومن عموم قدرته للأشياء أنها تعم الموت والحياة ، فالموت شيء لأنه إعدام للحياة وفصل بين الكائن الحي وبين حياته ، والحياة شيء وهي أصل الأشياء في الكائنات.
والموت الشيء ، المخلوق ، هو الموت عن الحياة وبعدها (٢) ، لا قبلها ، فإنه أمر عدمي وليس إعداميا لكي يكون شيئا ، وتقدّمه على الحياة هنا في التعبير ، لا يقدّمه عليها في الواقع المعني ، إذ لا واقع له قبلها إلا عدم الحياة ، وهو ليس شيئا يخلق ، فخلق الموت هو الإماتة : (وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا)
__________________
(١) راجع كتابنا «حوار بين الآلهيين والماديين».
(٢) نور الثقلين ٥ : ٣٧٩ عن الكافي عن الباقر (ع) «قال : ان الله خلق الحياة قبل الموت» وفيه ايضا عنه (ع) قال : الحياة والموت خلقان من خلق الله ، فإذا جاء الموت فدخل في الإنسان ، لم يدخل في شيء الا وخرجت منه الحياة ، وفيه ايضا عنه (ع) ما الموت؟ قال : هو النوم الذي يأتيكم في كل ليلة. الا انه طويل لا ينتبه منه الى يوم القيامة.
أقول : كل ذلك يعني الموت عن الحياة ، لا الذي قبلها ، ولا يشمله كذلك.