ومن حسن العمل الأحسن نسيانه وعدم استعظامه ، كما أن من الأحسن ذكر العمل السيء فجبرانه.
فالموت والحياة دليلان ، بما معهما من أدلة إلهية ، عقلية وفطرية وواقعية ، يدلان الناس اليقظين إلى العمل الأحسن ، فليس الموت قبل الحياة داخلا في المعني من الموت الابتلاء هنا.
هذا ـ وإن كان بالإمكان شمول الموت هنا لما قبل الحياة أيضا ، بتأويل أنه مخلوق ضمن الكائن الميت (١) ، وكذلك الحياة غير الدنيوية فإنها حياة وأحيى من الدنيوية ، ولكنما البلوى ليست إلا في الحياة الدنيا لواقع الإختيار والتكليف فيها ، وفي الموت عنها علميا حالها ، فإنه الذي يحمل الذكرى ، ويحمل صاحبه على التسابق في الأعمال الحسنة (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) ، وللموت رحمات أخرى إضافة إلى البلوى (٢).
__________________
(١) ولكن الخلق هنا يوحي بالاستقلال فلا يشمل الموت ضمن الكائن الميت.
(٢) ان رحمة الموت لا تختص بالبلوى التي تدفع الى التسابق في الصالحات ، وانما هي الأهم مر فوائده لبني الإنسان حال الحياة اعتبارا ، وبعد الموت جزاء للحسنى بالحسنى ، وللذين كفروا عذاب ، وهو رحمة للمحسنين –
وهنا رحمات اخرى نتيجة الموت في النبات والحيوان والإنسان : فللانسان : هل يا ترى لو لم يكن موت ، أكانت الكرة الارضية بفضائها تسع نسله المتواصل؟ ولو وسعت ، فهل بإمكان الأولاد ان يتحملوا عبء معايش الآباء والأمهات : الآلاف الالاف! وإذا أمكن ، فهل بإمكان هذه الكثرة الخالدة في الحياة ، المعايشة السلمية؟ كيف! ولا تعيش الآن ـ وهي تلمس الموت ليل نهار ـ الا في اضطرابات ناتجة عن تخلفات!.
فيا للموت من رحمة لبني الإنسان ، بنّاء لحياة سليمة ، لو تذكروا ـ