(وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) : فهم يحافظون على شرائطها وأجزاءها ، على ظاهرها وباطنها ، وعلى سائر الواجبات فيها ولها ، فيقيمونها على وجهها ، لا يأتونها كسالى وسكارى ولا مثقلين متثاقلين ، بل خاشعين (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ).
فالصلاة هي صلات للعبد بربه ، وانفصال عن المحدود من هذا الوجود الى اللامحدود من خالق الوجود ، يتجرد فيها مقام الربوبية ومقام العبودية في صورة معينة معنية ، والدوام فيها هو الصلة المستمرة التي لا يقطعها كسل ولا فشل ولا بتل ، فانها ليست لعبة توصل أحيانا وتقطع أخرى ، وانما صفة الدوام صورة تمثل دوام العبودية والربوبية وكما في الحديث : لا تترك الصلاة بحال ومن الدوام على الصلاة إتمامها إذا شرع فيها وكما يروى عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : خذوا من العمل ما تطيقون فان الله لا يمل حتى تملوا وكان أحب الأعمال الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما دووم عليه وان قل ، وكان إذا صلى دام عليها ، قال الله : (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ)(١).
٢ ـ الحق المعلوم : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) : هذا الحق ليس هو الزكاة ، فانها لا تختص بالسائل والمحروم ، ولا انها واجبة على كل من سوى السائل والمحروم ، والآية تفرض فرض حق معلوم للسائل والمحروم على غيرهما ، تعلقت بما له الزكاة أم لا ، دفعها أم لا ، فهذا من صفات المتقين : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ... وفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (٥١ : ١٩) وكما يروى عن الامام الصادق عليه السلام : ان الله تعالى فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون بأدائها وهي الزكاة ، بها حقنوا
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٢٦٦ ـ اخرج ابن حيان عن أبي سلمة عن عائشة عنه (ص) :