دماءهم وبها سمّوا مسلمين ، ولكن الله تعالى فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة فقال سبحانه وتعالى : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) فالحق المعلوم غير الزكاة ، وهو شيء يفرضه الرجل على نفسه في ماله ، يجب عليه ان يفرضه على قدر طاقته وسعة ماله ، فيؤدي الذي فرض على نفسه ان شاء في كل يوم وان شاء في كل جمعة وان شاء في كل شهر (١)».
و (حَقٌّ مَعْلُومٌ) يوحي : انه لأهليه شاء أم لم يشأ ، فليس له أن يصرفه لنفسه أو غير السائل والمحروم ، ولا له أن يعتبره فرعا وفي هامش النفقات ، بل هو أصل كغيره من أمواله المصروفة في حاجياته الضرورية ، فهما ـ إذا ـ شريكاه في أمواله ، عليه أن يدفع الحق المعلوم إليهما دون منّ ولا أذى.
وعليه أيضا ان يدفع الحق المعلوم منذ حصول المال : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (٦ : ١٤١) فحق المذكورات ثابت يدفع يوم حصادها ، سواء أكان زكاتا كما في النخل وبعض الزرع ، أم غير الزكاة كما في غيرهما ، وعلى حد ما يفتي الفقهاء ، انه ليس فيها زكاة ، فليكن الحق الواجب هنا غير الزكاة ، وكما في صحيحة معاوية بن شريح في خصوص الزرع عن الامام الصادق عليه السلام : «في الزرع حقان حق تؤخذ به وحق تعطيه ، أما الذي تؤخذ به فالعشر ونصف العشر ، وأما الذي تعطيه فقول الله عز وجل : (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) يعني من حصدك الشيء بعد الشيء ، الضغث بعد الضغث.
و (حَقٌّ مَعْلُومٌ) : يعلمه صاحب المال وصاحب الحق ، فصاحب المال يعلمه كما يقتضيه الضمير الانساني المؤمن العطوف ، يقرر نصفا أو ثلثا أو ما نقص
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٤١٦ عن الكافي في الصحيح ، ومثله مع اختلاف يسير في الألفاظ ما رواه القمي عنه (ع) وما في الكافي عن الباقر (ع).