فبدون أي قسم بأي برهان ـ لأن أقسام القرآن براهين ـ إن القدرة الإلهية ظاهرة باهرة على ان له تبديلكم خيرا منكم ، أفلم يبدل النطفة إنسانا في أحسن تقويم؟ فله تبديل الخير أيا كان ، في الدنيا أن يذهبكم ويأتي بخلق جديد : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ. إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ. وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) (٣٥ : ١٦) أو خيرا منهم في حياة الحساب ، بتبديل أجسادهم هذه إلى ما هي خير منها وأخلص وأثبت وأبقى كما هو الحق في حشر الأجساد : (وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) (٥٦ : ٦١).
فله التبديل إلى خير أيا كان ، إلى خير في نفسياتهم كأن يبدلهم بمؤمنين ، أو خير في أجسادهم كأن يبد لهم بأمثالهم ، بأجساد لهم كاجسادهم ، مماثلة من جهة ، وخيرا منها من جهة ثانية لكون الأجساد المعادة أخلص وأنقى فهي أبقى. (بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) : هنا لك مشارق ومغارب كما هنا وفي الأعراف : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها) (٧ : ١٣٧) ولكنما الاولى تعم مشارق الأرض ومغاربها ، والثانية تخص الأرض ، وفي الصافات المشارق فقط : (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَرَبُّ الْمَشارِقِ).
وهناك المشرقان والمغربان : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) (٥٥ : ١٧) أو المشرقان فقط : (حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) (٤٣ : ٣٨).
وهنالك المشرق والمغرب : (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) (٧٣ : ٩).
فكيف التوفيق بين هذه الثلاث في مشرق الشمس ومغربها؟.
أقول : المشرق والمغرب هما الجهتان المتقابلتان بما فيهما الأخريان : الشمال