الوحي؟ لا! بل عليك القيام ، والاستعانة بالصبر والصلاة ومكافحة الكروب العظام ، والنوائب الجسام.
(قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) قم للأمر العظيم والقول الثقيل الذي سيلقى عليك ، والعبئ المهيأ لك ، قم فقد مضى وقت النوم ، قم فأنت لست لتعيش لنفسك ، ولقد عرف الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم هذا الأمر مسبقا من ملامح الوحي وقدّره ، فقال لخديجة رضي الله عنها ـ وهي تدعوه أن يطمئن وينام ـ : «مضى عهد النوم يا خديجة»!.
أجل ـ انه مضى وما عاد منذ اليوم إلا السهر والتعب والجهاد الشاق والسبح الطويل في بحر المجتمع المتلاطم.
(قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً. نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً. أَوْ زِدْ عَلَيْهِ) :
يخيّر نبي الله هنا في قيام الليل ونومه بين مقادير أربعة : ١ ـ قيام الليل إلا قليلا : ثلثيه فما فوق ، فأكثر القليل منه ثلثه ثم أقل وأقل (١) ٢ ـ نصفه ، وهو ليس قليلا من الليل ، وإنما نصفه عدلا بين قيامه ونومه إذا احتاج اليه ، ٣ ـ أقل من النصف ، أن ينقص من نصف القيام قليلا ٤ ـ أكثر من النصف أن يزيد على نصف القيام ، فأكثر الواجب في قيامه من ثلثي الليل وما فوقها ، وأقله أقل من النصف قليلا ، وبينهما متوسطات ومنها نصفه.
نرى التركيز هنا وهناك على قيام الليل ـ أيا كان ـ دون تصريح بنومه إلا ايحاء الضمائر : (قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً) ابتداء بقيام ثلثي الليل ، ثم «نصفه» أو قم نصفه «أو انقص منه قليلا» : انقص من نصف القيام قليلا «أو زد عليه» :
__________________
(١) فما يروى ان القليل المستثنى من الليل هو نصفه خطأ او جهل من الرواة لا المروي عنه كما رواه في المجمع عن الصادق (ع) قال : القليل النصف.