فانتقلت إلى عذاب أليم عليهم يوم الدين :
(يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً).
رجفة الأرض والجبال ـ هذه : هي الرجفة الأولى المدمرة لها ، ثم تتلوها الرجفة الثانية الرادفة لها ، المحيية لأمواتها : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ. تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) ومواصلة الرجفتين تجعل الأولى كأنها الثانية ، ولأنها بداية القيامة ، فتعتبر الأولى ـ وهي رجفة الإماتة ـ كأنها يوم النكال ، والطعام ذو غصة والعذاب الأليم ، وهي كلها بعد الرجفة الثانية : الإحياء!.
وعلى أثر هذه الرجفة المدمرة تصبح الجبال كأنها «كانت» منذ كانت (كَثِيباً مَهِيلاً) : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) والكثيب المهيل هي الرمل المتراكم المنقلب أسفله أعلاه ، فكما تخرج أثقالها في زلزالها ، كذلك الجبال تقلب في ترمّلها وتدمّرها ، فتظهر قواعدها الأعماق رملا متراكما محترقا.
فإذا تتفتت الأرض وتنهار ، وتكثب الجبال وتحتار ، فكيف إذا تكون أحوال الناس المهازيل الضعاف في قبضة العزيز القهار؟
(إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً. فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً).
(رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ) : تلقيا لما تقولون وتعملون وتفكرون يوم الدنيا وإلقاء لهذه الشهادة يوم الدين ، فكما أن لكل أمة شهيد هو رسول لهم : كذلك ـ وبأحرى ـ رسولنا شاهد عليكم بأكمل معاني الشهادة ، وشاهد كذلك على كافة الشهداء والمشهود عليهم يوم الدين : (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) (١٦ : ٨٩) فهو يتحمل شهادتهم يوم الدنيا ويؤديها كما تحمّل ، يوم الدين.
(كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً) فرسالة محمد (ص) أشبه برسالة موسى ممن