سواه ، وكما تحكم بهذه المماثلة السامية آية توراتية تحمل بشارة مهمة للرسول الأقدس محمد (ص) وها هي باللغة العبرانية :
نابيء آقيم لاهم مقرب احيحم كموشه وناتتي دباري بفيو ويدبر إلو هيم إت كال أشر أصونو (سفر التثنية ١٨ : ١٧).
نبي أقيم لهم من أقرباء أخيهم كموسى وأضع كلامي في فمه لكي يبلغهم جميع ما آمره به (١).
وهذه المماثلة هي في استقلال الشريعة ، وان كتابه من وحي الله لفظا ومعنى وفيما أصيب محمد من كفار قومه كما أصيب موسى من آل فرعون ، فأخذه الله أخذا وبيلا : ثقيلا هو وابل العذاب كالمطر الجارف ، وهنا الآية تتهدد العصاة الطغاة على الرسالة المحمدية بالأخذ الوبيل ، يهزّ قلوبهم هزّا ساحقا ، ويخلعها بعد رجفة الأرض وكثب الجبال المهيل ، علهم يتذكرون ويحذرون من أخذة الدنيا والآخرة ، فليأخذوا حذرهم بين الأخذتين في هذه الحياة القصيرة ، فليتقوا هنا بأس الله قبل أن يأتيهم :
(فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً. السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً).
ولنفرض أنكم اتقيتم عذاب الله يوم الدنيا ، أم لم يأتكم فيها (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ) ومتم على الكفر (يَوْماً) يوم الرجفة الطامة التامة ، من وقعته وشدته : (يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً) فانه الهول الذي تنشق منه السماء وتخر الجبال هدّا ، فكيف بالولدان الضعاف ، فتراهم كأنهم شيب من بياض نواصيهم وانحداب ظهورهم ، وانكماش جلودهم ، لا لخطيئة اقترفوها فإنهم قاصرون ، وإنما هذه طبيعة هذا اليوم التي ترتسم في الطبيعة
__________________
(١). التفصيل الى كتابنا «رسول الإسلام في الكتب السماوية» ص ٣٣).