الصامتة أيضا ، ففي الانسانية الحية اولى! وإذ يصبح الولدان شيبا وهم قاصرون فكيف بالكفار المكذبين وهم مقصرون ، فهناك وقعة تتقى هي عذاب الله ، تتقى بالإيمان بالله ، ووقعة لا تتقى ، وليست هي عذابا ، وإنما توحي بشدة بالغة لا تبقي ولا تذر ، وهي رجفة الإماتة والتدمير ، فالولدان الذين هم أطفال ، لو جاز أن يشيبوا لرائع خطب ، أو طارق كرب ، لشابوا في هذا اليوم لعظيم أهواله وفظاعة أحواله ، وإنها وقعة هي كعذاب : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ) تنفطر به السماء وتنشق وتكشط وترجع رجعا ، فكيف لا ينفطر هذا الإنسان الهزيل الذليل؟ (كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً) لا هوادة فيه ولا رجعة منه! :
(إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً).
وإنها تذكرة بالغة لمن أراد أن يتذكر ، فمن شاء الادّكار اتخذ إلى ربه سبيلا قدره ، ومن شاء أن يسلك سبيلا إلى ربه فزاده أن يتذكر ، إن السبل إلى الله كثيرة وكذلك إلى الشيطان : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (٦ : ١٥٣) وأنجح السبل الى الله هو صراطه المستقيم ، ثم ما دونه من السبل من حق اليقين وعين اليقين وعلم اليقين والظن ، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى.