(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (٢٠)
تلمح هذه الآية ـ وهي الأخيرة من السورة ـ أنها نزلت بالمدينة ، وما قبلها مكية كلها ، فان حكم الجهاد والزكاة نزلا في المدينة ، وقد صبر الرسول على ما يقولون طول مقامه بمكة ، وهجرهم هجرا جميلا كما أمر ، حتى جاء حكم الله بالجهاد في المدينة ، وبما أن المزمل من أوّليات ما نزلت على الرسول (ص) في مكة ، ولا أقل بعد ثلاث سنين من بداية الدعوة ، إذ أمر بالمجاهرة فيها ، وأن الآية الأخيرة فيها تتضمن الجهاد والزكاة وهما في المدينة ، من هنا وهناك نتأكد أو نرجح أنها نزلت بعد الآيات الأول بعشر سنين كما قيل ، والقول بسنة أو ثمانية أشهر ـ إذن ـ لا يوافقه الدليل.
(تفسير الفرقان ـ ج ٢٩ ـ م ١٥)