وَمُقاماً) (٢٥ : ٧٦) ومستقر لعنة وعذاب لغير المؤمنين : (إِنَّها ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) (٢٥ : ٦٦).
(يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ) : تنبّؤا بالبصر (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) وتنبؤا بالبصيرة إذ (يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى) (٧٩ : ٣٥) وبما أن النبأ خبر ذو فائدة عظيمة ، فعائدة تنبؤ الإنسان هي واقع الحجة له وعليه سرا وعلانية ، وليعرفها أهل الموقف أيضا ويشهدوا مع الشاهدين : بما قدمه من عمل قبل فوته ، وما أخره بعده من آثاره خيرا وشرا : (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) (٣٦ : ١٢) ورغم أن الأعمال تحضر كلها ، فبعضها منقطع الأثر فهو مما قدم ، وبعضها باق بآثاره فهو مما أخّر وعلى حد المروي عن باقر العلوم (ع) (١) وكلّ داخل فيما قدم بمعنى آخر هو حضور العمل منقطع الأثر أو ثابته : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) (٣ : ٣٠).
(بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ. وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ)
فما هذه البصيرة؟ هل هي الإنسان نفسه : بالغ في الإبصار على نفسه قلبا وقالبا ، لمكان تاء المبالغة ، ومختص بهذه البصارة عليه ، لمكان تقدم الظرف (عَلى نَفْسِهِ) فهو هو ، لا سواه من أمثاله ، يعلم من نفسه سرها وعلانيتها ، يحيط بها حيطة العلم الجامع الجامح ، لا يعزب عن نفسه شيء من مداخلها ومخارجها ، بصيرة يوم الدنيا بما له وعليه ومعه وفيه ومنه : من خير وشر ، وبصيرة يوم الدين : حجة عليه وشاهد بما اقترفت من ذنب واحتملت من وزر
__________________
(١) البرهان ٤ : ٤٠٦ القمي عن أبي جعفر الباقر (ع) في الآية : بما قدم من خير وشر وما أخر من سنة ليستن بها من بعده فان كان شرا كان عليه مثل وزرهم ولا ينقص من وزرهم شيئا وان كان خيرا كان له مثل أجورهم ولا ينقص من أجورهم شيئا.