ليعجل خلال آيات «القيامة» وانه استعجل بين الآيات من «طه» وهما مكيتان ، والنهي هنا وهناك نهي تنزيه وإنباء ، لا نهي تحريم ، وليجمع الله وحي اللفظ المفصل إلى وحي معناه ، لا فحسب ، فقد كتب على نفسه جمع المفصل أيضا وقرآنه.
فمن ثم توحي الآيات انه ليس على الرسول شيء من الأمر بشأن القرآن ، في نزوله عليه نجوما حسب الحاجات والمناسبات ، وفي جمعه وتأليفه كما هو الآن ، (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) وليتبع قرآنه على الناس بعد جمعه وقرآنه من الله : (فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) ، وفي بيان ما أجمل فيه ، بعضه ببعض أو بوحي السنة : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) ، فلا عليه أن يحرك به لسانه ليعجل به سنادا إلى نزوله عليه محكما مسبقا ليلة القدر ، فهو الذي يفصله هنا كما أجمله وحيا إلى قلبك هناك (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) ولا موقع لجمع الآيات إلا بعد نزولها المفصل ، إذا فجمع القرآن كنزوله إنما هو من الله ، لا من النبي (ص) فضلا عن خلفاءه وأصحابه! فهنا قرآن قبل الجمع هي الآيات النازلة نجوما متفرقة خلوا عن الروابط ، وقرآن بعد الجمع هو المقرؤ على الرسول سورا منسقة بآيات مرتبة مرتبطة ، وكلاهما من اختصاصات الله ، كان يأمر الرسول أصحابه وكتّاب الوحي أن يرتبوها كما يوحى إليه ، ترتيبا وتأليفا بالوحي ، كما النزول غير المؤلف كان بالوحي ، وقد يوحي هكذا اجمع إلهي بنزول القرآن المفصل مرتين ، ولو تدريجيا حتى نزلت المائدة آخر ما نزلت من القرآن ، فأصبح القرآن مؤلفا مجموعا كما هو الآن ، وقد كان يدرس ويحفظ جميعه كجمعه الآن ، فجماعة من الصحابة ختموه على النبي (ص) عدة ختامات وكان (ص) ـ حين جمعه ـ يأمر الكتّاب أن يسجلوا الآيات المتفرقات في مواضيع خاصة من السور التي رتبها بالوحي ، وسماها جميعا كما تواتر عنه (ص) وتصرح آيات عدة أن القرآن كان سورا زمن الرسول (ص) (١)
__________________
(١) «فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ـ