ثم النص ـ بعد ذلك كله ـ «إلى ربها» لا «الى الله» والربوبية هي الرحمة والثواب والنعمة ، وأهمها المعرفة الناتجة عن غاية الربوبية ، وكما عن علي (ع): «يعني بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى» (١) ومن أعظم الثواب كمال المعرفة المعبر عنها بالنظر والرؤية ، تنظر إلى ربها فتتنضّر بنوره ، وكما عن الصادق (ع) «يعني إلى نور ربها» (٢).
ثم تقديم الظرف «إلى ربها» الموحي بالحصر ، تصريحة أحرى أنه ليس نظر البصر ، إذ لا يختص ـ إذا ـ بالرب ، فهم ينظرون إلى أشياء لا يحيط بها الحصر!
هذا! فرؤيته تعالى بالبصر ، وحتى إدراكه والحيطة به بالبصيرة ، إنها مستحيلة في كافة العوالم لكافة العالمين ، فقد «احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار وعمن في السماء احتجابه عمن في الأرض» (٣) وقد «خلق الله الخلق حجاب بينه وبينهم ... فالحجاب بينه وبين خلقه لامتناعه مما يمكن في ذواتهم ، ولإمكان ذواتهم مما يمتنع منه ذاته ، ولافتراق الصانع والمصنوع والرب والمربوب (٤) فلا يمكن رؤيته بالبصر إلا إذا صار مبصرا كخلقه ، ولا إدراكه بالبصيرة إلا إذا صار خلقه مثله في الألوهية ، استحالة مزدوجة في خرافة الرؤية والإدراك الإحاطة.
__________________
(١) نور الثقلين ٥ : ٤٦٤ عن كتاب التوحيد ، وقد بحثنا عن الرؤية في ص ١٧٤ ـ ١٧٧ ج ١ من الجزء الثلاثين في ضوء الآية : «وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ» ، وفصلنا البحث عن استحالة الرؤية في كتابنا «حوار بين الإلهيين والماديين».
(٢) البرهان ٤ : ٤٠٨ عن كتاب تحفة الاخوان عن هاشم الصيداوي عنه (ع).
(٣) بحار الأنوار ج ٣ ص ٢٢٣ ـ ٢٢٤ عن الامام الحسين (ع) في خطبة توحيدية.
(٤) التوحيد للصدوق عن الامام الرضا (ع) في خطبة توحيدية.