التفاف الساق بالساق ، التفاف الدنيا بالآخرة ، إذ كشف عن ساق الآخرة لتأخذ بساق الدنيا فتنهيها وتقضي عليها (١).
ويلتف بهذا الالتفاف بين ساقي الآخرة والأولى ، التفاف ساقي المحتضر في اضطراب النزع ، إذ يضرب بإحدى رجليه على الأخرى ، كذلك والتصاقهما ببعض بعد الموت ، والتفافهما في شدّ الكفن ، ثم التفاف سوق اهليه ومشيّعيه ، يلتف بعضهم من شديد الحفز وعنيف السير والسّوق (٢).
(إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) : الرجوع : (إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى) فلا يساق الميت بعد التفاف الساق بالساق ، إلا الى ربك ، الى نشأة البرزخ ثم القيامة ، (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ. لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) فلا سوق بالموت إلا إلى الرب (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى).
فمهما كان انسياق الإنسان يوم الدنيا بخيرته ، فهو مساق مسيّر في سوق الآخرة الى سوقها ، فلا سائق هناك إلا الله ، فلا مساق إلا إليه ، سوقا الى ربوبيته ، لا الى ذاته ، فانما الى حسابه وجزاءه ، بثوابه أو عقابه.
ومن ثم يسدل الستار على سكرات الموت ، وينتقل الى عرض مشهد اللاهين المكذبين.
(فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى. وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى. ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى).
عرض موجز عن أردء حالات الكفر لألعن حماقي الطغيان ، فرعون هذه الأمة أبي جهل على حدّ المروي عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم : «إن لكل أمة فرعونا
__________________
(١) راجع سورة «ن» حول الآية «يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ».
(٢) هذا الأخير بناء على كون الساق جمعا للساقة : فهم الذين يكونون في أعقاب الناس يحفزونهم على السير.