نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) (٣٢ : ٨) فالمني بحر لجي من ملايين النطف : الدودات العلقية ، ولمائه صفائه لأنه المصطفى من كل البدن ، ثم النطفة التي يخلق منها الإنسان هي سلالة من هذه السلالات ، فالإنسان نتيجة نهائية لتسلسل سلالات عدة : يتسلل المني عن البدن كله بما تغذّى ، كما الغذاء سلالة من طين ، فالمني سلالة من طين : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) (٢٣ : ١٢) : سلالة هي من طين ، وهي المني ، ثم نطفة: سلالة من هذا المني!.
ومن ثم إذا كانت هذه النطفة واحدة فكيف توصف بالأمشاج؟ فكيف يجمع بين الوحدة والجماعة؟ نقول هنا ما قلناه في (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) (٢٣ : ٥٠) فهما من حيث الوجود اثنان ، ومن حيث الآية المعجزة آية واحدة لتلازمهما فيها ، كذلك النطفة واحدة في كيانها وجاه سائر النطف ، ولكنها حصيلة الأمشاج : الأخلاط ، جمع المشيج أو المشج أو المشج أو المشج : الخليط أو الخلط ، فهي «محطّ الأمشاج من مشارب الأصلاب» (١) حيث «ماء الرجل والمرأة اختلطا جميعا» (٢) وهذا مشج واحد فما هي الأمشاج؟ :
مشج اوّل هو أصول الغذاء الإنساني المركبة من عناصر عشرة هي : الأوكسجين ، والأودروجين ، والكربون ، والأزوت ، والكبريت ، والفوسفور ، والبوتاسيوم ، والمغنسيوم ، والكلسيوم ، والحديد ، وتلك عشرة كاملة تتبنى غذاء الإنسان.
فهذه العناصر داخلة في كل نبات وحيوان ، وأخيرا في الإنسان لأنها
__________________
(١) في نهج البلاغة قوله (ع) عالم الغيب من ضمائر المضمرين الى قوله : ...
(٢) القمي : عن الامام الباقر (ع) في تفسير الأمشاج.