ومن أسباب ذلك السلب وهذا الإيجاب الإيفاء بالنذر واطعام الطعام على حبّه لوجه الله ، المسكين واليتيم والأسير كما فعله علي وفاطمة والحسنان (ع) واحتج به علي (ع) على أبي بكر (١).
(وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ، إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً).
مكرمة أخرى للأبرّين ، هي إطعام الطعام على حبّه للمحاويج ، إيثارا على أنفسهم ، وبهم خصاصة! لوجه الله لا سواه ، أركان ثلاثة في الإنفاق ترفع به الى قمته ، وتوحي بالخير المستطير ، بعد ما اجتثوا جذور الشر المستطير.
١ ـ فمن أصول البرّ والإنفاق الحسن أن يكون محبوبا ، طعاما وإطعاما : «على حبّه» فلا كرامة في إطعام الطعام المرذول ، أو إطعام مكروه وان كان الطعام محبوبا وكان لوجه الله : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) (٣ : ٩٢) حبّا مزدوجا للإنفاق وما تنفقون.
والنص «على حبّه» : الطعام والإطعام لا «في حبّه» لكي يؤول الى حب الله : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) (٢ : ١٧٧) ، اضافة الى أن الطعام هو المرجع الأقرب «الطام على حبّه» و «الله» أبعد في الموقع الكلامي «عينا يشرب بها عباد الله» وان المضاف اليه ك «الله» هنا ، لا يرجع اليه ضمير أيا كان.
__________________
(١) الخصال في احتجاج علي (ع) على أبي بكر قال : أنشدك بالله انا صاحب الولاية (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) أم أنت؟ قال : بل أنت (نور الثقلين ٥ : ٤٧٧).