في مكة في حرب حتى يأسروا ، ولا في قوة حتى يجسروا أن يأسروا المشركين ، وإنما كانوا هم في أسرهم وحصرهم حتى اضطروا للهجرة الى المدينة ، ومن ثم قويت شوكة الإسلام وبدأت دولته ، فكان أسير وحصير بأيديهم من جراء حروبهم مع المشركين ، وكان الأسير منهم (١) لا من المسلمين إذ لا يعهد أسر المسلم إسلاميا ، اللهم إلا الكتابي ولم يكن منهم أسير وقتذاك.
فهنيئا لآل بيت الرسالة المحمدية إذ تنزل السورة بشأنهم ، كما قال جبرائيل : خذها يا محمد هناك الله في أهل بيتك ، فأقرأه السورة مهما شملت من حذا حذوهم ونحا نحوهم.
وهنا يبرز الحنان الإسلامي بشأن بني الإنسان كافة ، وأسارى الحرب ، المشركين ، فلا يرضى أن يظلوا جياعا ، ولا يأسرهم إلا عن أخطارهم ، وليتعرفوا الى الإسلام في أسر المسلمين في دورهم وديارهم ، علّهم يؤمنون أو يؤمنون دون حبس وتعطيل عن الحياة إلا لضرورة ، وسئوال الأسير هنا أقرب شاهد انه لم يكن سجينا مهما كان تحت الرقابة في بلد الإسلام ، «وقد كان يؤتى الرسول (ص) بالأسير فيدفعه الى بعض المسلمين فيقول أحسن إليه فيكون عنده اليومين والثلاثة فيؤثره على نفسه» (٢).
ويعم الأسير كلّ من هو في أسر الإنسان معنويا أو ماديا ، إلجاء عليه ، أو لجأ إليه ، ك «عيال الرجل ، ينبغي له إذا زيد في النعمة أن يزيد
__________________
(١) الدر المنثور ـ اخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه عن الحسن قال : كان الأسارى مشركين يوم نزلت هذه الآية (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ ..).
(٢) تفسير روح المعاني للآلوسي ج ٢٩ ص ١٥٥ عن الحسن.