وعبسه وقطوبه «ولقّاهم» : استقبلهم «نضرة» في وجوههم «وسرورا» في قلوبهم (١) تلقية لكيانهم ككلّ إعلانا وإسرارا كما كانوا يوم الدنيا ناضري الوجوه وطاهري القلوب.
(وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً ، مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) :
طرف من نعيم الجنة إيجابا وسلبا جزاء بما صبروا في الله على الحرمان من نعيم الدنيا ، وعلى طاعة الله ، وعن معصية الله.
فبعد أن سبق شرابهم من كأس الكافور ، هنا يجمل في ذكر مكانهم وأكلهم ب «جنة» ثم تختص الحرير من لباسهم ، فإن (لِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) (٢٢ : ٢٣) أنعم لباس وألينه وأحسنه ، فهذه نعم إيجابية.
ثم سلبية هي عدم رؤية شمس ولا زمهرير ، فهم في حياة مريحة مطمئنة ناعمة معتدلة دون أن يلمسوا شمسا لاهبة ساخنة ولا بردا قارسا ، عوان بين ذلك سجسج لا قرّ فيها ولا حرّ.
ترى إن الأبرار لا يرون فيها شمسا لأنها كورت عند قيامتها فلا شمس هناك؟ ولا زمهريرا لأنها لا تكون؟ إذا فليست هذه نعمة يختصون بها عن أهل النار ، إذ هم يشاركونهم في عدم الرؤية هذه وتلك!
أو إن في سماء القيامة شمس غير هذه المكوّرة ، فقد ترجع هي شمسا أو غيرها من غازات فتصبح شمس الآخرة أو شموسها ، كما ان هناك زمهريرا : برد قارس شديد ، فزبائن الشمس ونورها للنافذ هي على أهل النار عذاب فوق العذاب ، وأهل الجنة لا يرونها ، إذ تجنّهم أشجارها عن نورها ، وجوّها
__________________
(١) امالي الصدوق عن الصادقين (ع) (نور الثقلين ٥ : ٤٨٠).