عن نارها ، كما ان زمهرير على أهل النار عذاب فوق العذاب ، فأهل الجنة لا يرون بردها وقرّها ، إذ تبعد عن أولاء وتقرب من هؤلاء ، فالأبرار في جنة عادلة معتدلة عوان ، في دلال وظلال : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ) (٧٧ : ٤١) (وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً) (٤ : ٥٧) (وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) (٥٦ : ٣٠).
ولا معنى لظل ولا ظلال ، إذ لا شمس تشرق وتحرق ، فالظل دليل الشمس كما الشمس دليل الظل (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ ... ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) (٢٥ : ٤٥).
وعلى إن زمهرير العذاب لأهل النار كلهم مع النار؟ لا دليل على الشمول! فإنها الآية الفريدة في ذكرها سلبا عن الأبرار ، لا إيجابا على كل أهل النار!
أو ان المعذبين بزمهرير لا يعذبون بالنار؟ تنافيه الآيات في شمول النار لغير الأبرار! إذا فهما في الجحيم متقاربان وكما في المروي عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم (١).
ومن ثم إذا اختصت زمهرير ببعض أهل النار أو شملتهم ، فكيف يجمع بين هذين المتناحرين المتنافرين ، وكلّ يخفّف الآخر ويفنيه!
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ٣٠٠ ـ أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي وابن مردويه من طرق عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) اشتكت النار الى ربها فقالت رب أكل بعضي بعضا فجعل لها نفسين نفسا في الشتاء ونفسا في الصيف فشدة ما تجدونه من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدونه في الصيف من الحر من سمومها. واخرج نحوه عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن قال ذكر لنا ان نبي الله (ص) قال : ... وفيه عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله (ص) في حديث : وإذا كان يوم شديد البرد .. قال العبد لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم اللهم أجرني من زمهرير جهنم قال الله لجهنم ان عبدا من عبيدي استجارني من زمهريرك واني أشهد أني قد أجرته ، فقالوا وما زمهرير؟ قال كعب : بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة بردها بعضه من بعض.