فقسما بالمرسلات العاصفات عصفا ، عرفا أو سواه ، فمن العاصفات عرفا الملائكة النازلة بالرحمات سريعة كاسرة الموانع والعراقيل ، وغير العرف منها هي النازلة بالنوازل والصعوبات ، كما النبيون عرف للمصدقين ، وعذاب على الكافرين ، ومن الرياح عاصفات عرفا كالتي تنشر السحاب وتثيرها ، ومنها عاصفات نكرا كالصرصر والعقيم والقاصف ، إذ تقصف بمرورها الشديد وتكسر وتخسر.
(وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) : والنشر هو البسط ، والإذاعة ، والريح الطيبة ، والتفريق ، والنحت ، والتعويذ ، والهبوب ، والإصابة ، والإحياء ، والنبت وإيراق الشجر : معان عدة حسب عديد المتعلقات (١).
وقسما بالطاقات الباسطات المذيعات أخبار السماء في أرجاء الكون حيث تبث رياحها الطيبة وتفرقها على أهليها ، وتنحت بأخبارها ما يقبل النحت من قلوب صافية ، وتصيب القلوب المقلوبة غير الصافية ، وتهبّ كالرياح في الأجواء ، والقلوب أوعية فخيرها أوعاها فتصيب كلّا حسب وعيه ، والتي تنشر الأجساد من الأجداث فإلى ربهم ينسلون.
(فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) : فارقات من الناشرات ، لمكان الفاء ، الناشرات وحي السماء ، الفارقات بين مصدقيه ومكذبيه ، وبين الحق والباطل ، والناشرات أرزاق الخلائق ، الفارقات بينهم حسب تقديراتهم ، والناشرات أحياء ، فالفارقات بينها ، ففريق في الجنة وفريق في السعير.
(فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً) : إنما يوصف وحي السماء بالذكر الملقى ، بعد ما ينشر ويفرق بين الحق والباطل ، والإلقاء هنا من النبيين ، فإنهم هم رسل الخلق المذكرون لهم بوحي السماء.
__________________
(١). نشرا هذا مصدر ومفعول به ايضا كما في الأحياء : الناشرات أحياء.