إِلَّا اللهُ) وعن بعضهم : أخفى غيبه عن الخلق ولم يطلع عليه أحدا ، لئلا يأمن أحد من عبيده مكره. وقيل : نزلت في المشركين حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة (أَيَّانَ) بمعنى متى ، ولو سمى به : لكان فعالا ، من آن يئين ولا نصرف. وقرئ : إيان ، بكسر الهمزة.
(بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ)(٦٦)
وقرئ : بل أدّرك. بل ادّراك. بل ادّارك. بل تدارك. بل أأدرك ، بهمزتين. بل آأدرك ، بألف بينهما. بل أدرك ، بالتخفيف والنقل. بل ادّرك ، بفتح اللام وتشديد الدال. وأصله : بل أدّرك؟ على الاستفهام. بلى أدرك. بلى أأدرك. أم تدارك. أم أدرك ، فهذه ثنتا عشرة قراءة. وادّارك : أصله تدارك ، فأدغمت التاء في الدال. وادّرك : افتعل. ومعنى أدرك علمهم: انتهى وتكامل. وادّرك : تتابع واستحكم. وهو على وجهين ، أحدهما : أن أسباب استحكام العلم وتكامله بأن القيامة كائنة لا ريب فيه ، قد حصلت لهم ومكنوا من معرفته ، وهم شاكون جاهلون ، وهو قوله (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) : يريد المشركين ممن في السماوات والأرض ، لأنهم لما كانوا في جملتهم نسب فعلهم إلى الجميع ، كما يقال : بنو فلان فعلوا كذا وإنما فعله ناس منهم. فإن قلت : إن الآية سيقت لاختصاص الله بعلم الغيب ، وأن العباد لا علم لهم بشيء منه وأن وقت بعثهم ونشورهم من جملة الغيب وهم لا يشعرون به ، فكيف لاءم هذا المعنى وصف المشركين بإنكارهم البعث مع استحكام أسباب العلم والتمكن من المعرفة؟ قلت : لما ذكر أن العباد لا يعلمون الغيب ، ولا يشعرون بالبعث الكائن ووقته الذي يكون فيه ، وكان هذا بيانا لعجزهم ووصفا لقصور علمهم : وصل به أن عندهم عجزا أبلغ منه ، وهو أنهم يقولون للكائن الذي لا بدّ أن يكون ـ وهو وقت جزاء أعمالهم ـ : لا يكون ، مع أن عندهم أسباب معرفة كونه واستحكام العلم به. والوجه الثاني : أن وصفهم باستحكام العلم وتكامله تهكم بهم ، كما تقول لأجهل الناس : ما أعلمك! على سبيل الهزؤ ، وذلك حيث شكوا وعموا عن إثباته الذي الطريق إلى علمه مسلوك ، فضلا أن يعرفوا وقت كونه الذي لا طريق إلى معرفته : وفي : أدرك علمهم ، وادارك علمهم : وجه آخر ، وهو أن يكون أدرك بمعنى انتهى وفنى ، من قولك : أدركت الثمرة ، لأن تلك غايتها التي عندها تعدم : وقد فسره الحسن رضى الله عنه باضمحل علمهم وتدارك ، من تدارك بنو فلان : إذا تتابعوا في الهلاك فإن قلت ، فما وجه قراءة من قرأ : بل أأدرك على الاستفهام؟ قلت : هو استفهام على وجه الإنكار لإدراك علمهم ، وكذلك من قرأ : أم أدرك. وأم تدارك ، لأنها أم التي بمعنى بل والهمزة. فإن قلت : فمن قرأ :