بيضاء فتفشو تلك النكتة في وجهه حتى يضيء لها وجهه أو فتترك وجهه كأنه كوكب درّى ، وتكتب بين عينيه : مؤمن : وتنكت الكافر بالخاتم في أنفه ، فتفشو النكتة حتى يسودّ لها وجهه وتكتب بين عينيه : كافر. وروى : فتجلو وجه المؤمن بالعصا وتحطم أنف الكافر بالخاتم ، ثم تقول لهم : يا فلان ، أنت من أهل الجنة. ويا فلان ، أنت من أهل النار. وقرئ : تكلمهم ، من الكلم وهو الجرح. والمراد به : الوسم بالعصا والخاتم. ويجوز أن يكون تكلمهم من الكلم أيضا ، على معنى التكثير. يقال : فلان مكلم ، أى مجرّح. ويجوز أن يستدل بالتخفيف على أنّ المراد بالتكليم : التجريح ، كما فسر : لنحرقنه ، بقراءة علىّ رضى الله عنه : لنحرقنه ، وأن يستدل بقراءة أبىّ : تنبئهم. وبقراءة ابن مسعود : تكلمهم بأنّ الناس ، على أنه من الكلام. والقراءة بإن مكسورة : حكاية لقول الدابة ، إما لأنّ الكلام بمعنى القول. أو بإضمار القول ، أى : تقول الدابة ذلك. أو هي حكاية لقوله تعالى عند ذلك. فإن قلت : إذا كانت حكاية لقول الدابة فكيف تقول بآياتنا قلت : قولها حكاية لقول الله تعالى. أو على معنى بآيات ربنا. أو لاختصاصها بالله وأثرتها عنده ، وأنها من خواص خلقه : أضافت آيات الله إلى نفسها ، كما يقول بعض خاصة الملك : خيلنا وبلادنا ، وإنما هي خيل مولاه وبلاده. ومن قرأ بالفتح فعلى حذف الجار ، أى : تكلمهم بأن.
(وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآياتِنا فَهُمْ يُوزَعُونَ)(٨٣)
(فَهُمْ يُوزَعُونَ) يحبس أوّ لهم على آخرهم حتى يجتمعوا فيكبكبوا في النار. وهذه عبارة عن كثرة العدد وتباعد أطرافه ، كما وصفت جنود سليمان بذلك. وكذلك قوله (فَوْجاً) فإن الفوج الجماعة الكثيرة. ومنه قوله تعالى (يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) وعن ابن عباس رضى الله عنهما : أبو جهل والوليد بن المغيرة ، وشيبة بن ربيعة : يساقون بين يدي أهل مكة ، وكذلك يحشر قادة سائر الأمم بين أيديهم إلى النار. فإن قلت : أى فرق بين من الأولى والثانية؟ قلت : الأولى للتبعيض ، والثانية للتبيين ، كقوله (مِنَ الْأَوْثانِ).
(حَتَّى إِذا جاؤُ قالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨٤) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِما ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ)(٨٥)
الواو للحال ، كأنه قال : أكذبتم بها بادىء الرأى من غير فكر ولا نظر يؤدى إلى إحاطة العلم بكنهها ، وأنها حقيقة بالتصديق أو بالتكذيب. أو للعطف ، أى : أجحدتموها ومع جحودكم لم تلقوا أذهانكم لتحققها وتبصرها ، فإن المكتوب إليه قد يجحد أن يكون الكتاب من عند من كتبه ، ولا يدع مع ذلك أن يقرأه ويتفهم مضامينه ويحيط بمعانيه (أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)