عليه وسلم ليخرجوا ، فانطلق إلى حجرة عائشة رضى الله عنها فقال : السلام عليكم أهل البيت فقالوا : عليك السلام يا رسول الله ، كيف وجدت أهلك؟ وطاف بالحجرات فسلم عليهن ودعون له ، ورجع فإذا الثلاثة جلوس يتحدثون ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد الحياء ، فتولى ، فلما رأوه متوليا خرجوا ، فرجع (١) ونزلت : (وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) نهوا عن أن يطيلوا الجلوس يستأنس بعضهم ببعض لأجل حديث يحدثه به. أو عن أن يستأنسوا حديث أهل البيت. واستئناسه : تسمعه وتوجسه ، وهو مجرور معطوف على ناظرين. وقيل : هو منصوب على : ولا تدخلوها مستأنسين. لا بد في قوله (فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ) من تقدير المضاف ، أى : من إخراجكم ، بدليل قوله (وَاللهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) يعنى أن إخراجكم حتى ما ينبغي أن يستحيا منه. ولما كان الحياء مما يمنع الحيي من بعض الأفعال ، قيل (لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِ) بمعنى لا يمتنع منه ولا يتركه ترك الحيي منكم ، وهذا أدب أدّب الله به الثقلاء. وعن عائشة رضى الله عنها : حسبك في الثقلاء أنّ الله تعالى لم يحتملهم وقال : فإذا طعمتم فانتشروا (٢). وقرئ : لا يستحى ، بياء واحدة. الضمير في (سَأَلْتُمُوهُنَ) لنساء النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكرن لأنّ الحال ناطقة بذكرهن (مَتاعاً) حاجة (فَسْئَلُوهُنَ) المتاع. قيل : إن عمر رضى الله عنه كان يحب ضرب الحجاب عليهن محبة شديدة ، وكان يذكره كثيرا ، ويود أن ينزل فيه ، وكان يقول : لو أطاع فيكن ما رأتكن عين ، وقال : يا رسول الله ، يدخل عليك البر والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ، (٣) فنزلت. وروى أنه مر عليهن وهن مع النساء في المسجد (٤) فقال : لئن احتجبتن ، فإن لكن على النساء فضلا ، كما أن لزوجكن على الرجال الفضل ، فقالت زينب رضى الله عنها : يا ابن الخطاب ، إنك لتغار علينا والوحى ينزل في بيوتنا ، فلم يلبثوا
__________________
(١) متفق عليه من حديث أنس وله طرق عندهما وألفاظ.
(٢) أخرجه الثعلبي من طريق العلاء سمعت عائشة بهذا. قلت : كذا بخط المخرج. وهو غلط واضح جدا. فان العلاء إنما يروى عن ابن عائشة صاحب النوادر ولم يدرك أصحاب أصحابه عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها فضلا عنها ولعله كان في الأصل ابن عائشة فسقط ابن
(٣) متفق عليه من حديثين هذا أحدهما. أخرجه النسائي والبخاري في الأدب المفرد والطبراني في الصغير من طريق مجاهد عن عائشة قالت «كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم حيسا في قصعة فمر عمر فدعاه فأكل فأصابت أصبعه أصبعى ، فقال عمر : أواه لو أطاع فيكن ما رأتكن عين فنزل الحجاب» ورواه ابن أبى شيبة والطبري من طريق مجاهد مرسلا وصوبه الدارقطني في العلل والثاني أخرجه النسائي أيضا من طريق أنس عن عمر رضى الله عنه قال «قلت يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو حجبت أمهات المؤمنين فأنزل الله آية الحجاب وأصله في الصحيح.
(٤) أخرجه الثعلبي من رواية مجاهد عن الشعبي قال «مر عمر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم» فذكره