وإذا كان كذلك فالمحرفون من اليهود بعضهم ، وإذا كانوا بعضهم لا جميعهم كان حمل قوله : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا) فريق (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) أشبه من حمله على ما أجبنا نحن به أحد شيوخنا ، لأنه لهذه الآية أوفق.
* يعنى بذلك حين سأله أحد شيوخه عن تعلق (مِنَ) فى قوله : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا) (١) فأجابه بأنه يتعلق ب «نصير» من قوله (وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً) (٢). كقوله (فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا) (٣) فإن قلت : فلم لا نجعل قوله (يُحَرِّفُونَ) (٤) حالا منها فى (لَمْ يَأْتُوكَ) (٥) على حد (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) (٦) أي مقدرا البلوغ فيه ، فإن الذي قدمناه أظهر إن شاء الله (٧).
ومن حذف الموصوف ، قوله : (أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ) (٨) أي : قوما حصرت صدورهم ، فحذف الموصوف وقدر «قوم» فيه. أي : قد حصرت صدورهم ، ليكون نصبا على الحال. وقال قوم : هو على الدعاء.
ومن حذف الموصوف قوله : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (٩) أي : عشر حسنات أمثالها. فحذف الموصوف. وفيه وجهان آخران نخبرك عنهما فى بابيهما إن شاء الله.
ومن حذف الموصوف قوله تعالى : (وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ) (١٠) أي : شىء من نبأ المرسلين. لا بد من هذا التقدير ، لأنك لو لم تقدر هذا
__________________
(١) النساء : ٤٦.
(٢) النساء : ٤٥.
(٣) المؤمن : ٢٩.
(٤) المائدة : ٤١.
(٥) المائدة : ٩٥.
(٦) يبدو أن هذه العبارة التي بين النجمتين من تعليق قارئ.
(٧) النساء : ٩٠.
(٨) الأنعام : ١٦٠.
(٩) الأنعام : ٣٤.