الثالث
باب ما جاء في التنزيل معطوفا بالواو والفاء
وثم من غير ترتيب الثاني على الأول
/ فمن ذلك قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) (١) ألا ترى أن الاستعانة على العبادة قبل العبادة.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ) (٢).
وقال عزّ من قائل فى سورة الأعراف : (وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) (٣) والقصة قصة واحدة ، ولم يبال بتقديم الدخول وتأخيره عن قول الحطّة.
ومثله : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا) (٤) لأن العفو ألّا يكون فى القلب من ذنب المذنب أثر ، والصفح أن يبقى له أثر ما ، ولكن لا تقع به المؤاخذة.
ومن ذلك قوله تعالى : (يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) (٥) والسجود قبل الركوع ، ولم يبال بتقديم ذكره لمّا كان بالواو ، فوجب أن يجوز تقديم غسل اليد والرجل على غسل الوجه فى قوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (٦).
__________________
(١) الفاتحة : ٤.
(٢) البقرة : ٥٨.
(٣) الأعراف : ١٦١.
(٤) البقرة : ١٠٩.
(٥) آل عمران : ٤٣.
(٦) المائدة : ٦.