وحذف «أحد» جاء فى التنزيل ، وإن لم يكن موصوفا ، كقوله (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ) (١) والتقدير : وإن من أهل الكتاب أحد.
كذا : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) (٢) أي : إن منكم أحد.
وإن جعلت الظرفين فى الآيتين وصفا ل «أحد» على تقدير : وإن أحد ثابت من أهل الكتاب ، وإن أحد منكم إلا واردها ، كان وجها.
وإن طلبت شاهدا على حذف «أحد» من أشعارهم ، فقد أنشد سيبويه :
لو قلت ما فى قومها لم تيثم |
|
يفضلها فى حسب وميسم (٣) |
أي : ما فى قومها أحد يفضلها.
ولفظ سيبويه فى ذلك : وسمعنا بعض العرب الموثوق به يقول : ما منهم مات حتى رأيته فى حال كذا وكذا. وإنما أراد : ما منهم أحد مات ، ومثل ذلك (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) (٤) ومثل ذلك فى الشعر للنابغة (٥) :
كأنّك من جمال بنى أقيش |
|
يقعقع خلف رجليه بشنّ (٦) |
أي : كأنك جمل من جمال بنى أقيش.
__________________
(١) النساء : ١٥٩.
(٢) مريم : ٧١.
(٣) البيت للنابغة ، والشاهد فيه : حذف الاسم والتقدير : أو قلت ما في قومها أحد يفضلها لم تكذب فنأثم. والميسم : الجمال. وكسر تاء تأثم على لغة من يكسر تاء تفعل فانقلبت التاء ياء (الكتاب ١ : ٣٧٥).
(٤) النساء : ١٥٩.
(٥) الشاهد فيه : حذف الاسم لدلالة حذف التبعيض عليه ، والتقدير كأنك جميل من هذا الجمال. وبنو أقيش حي من اليمن في إبلهم نفار ، ويقعقع يصوت والقعقعة صوت الجلد البالي ، وهو الفتن.