ولا يمتنع أن يكون «قليلا» خبرا عن «ما» وصلته ، وإن لم يجز أن يكون خبرا عن المبدل منه ؛ لأن المقصود الآن هو البدل.
ولا يجوز أن يرتفع «ما» ب «قليل» ، وهو موصول بالظرف ؛ لأن «القليل» لما وصلت به من قوله (مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ) (١) قد دل على أنه ليس بصفة الهجوع ، إنما القلّة لّليل.
وإن علقت «من الليل» «بكانوا» أو ب «قليل» «ما» نفى لم يجز ، ألا ترى أن «قليلا» على هذا الخبر للضمير الذي فى «كانوا» / ولا يكون من «الليل» فلا يتعلق أيضا ب «كانوا» على حد قولك : «كانوا من اللّيل».
ولم يرض أبو على أن يكون (مِنَ اللَّيْلِ) مثل قوله : (مِنَ الزَّاهِدِينَ) (٢) (وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) (٣).
قال أبو على : فى الآي التي تقدم ذكرها فصل (٤) نقلته لك ، وهو أنه قال فى قوله (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) (٥) ، أي : فلا يؤمنون إلا إيمانا قليلا ، كما تقول : ضربته يسيرا وهينا.
وقال : (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) (٦) أي : المكرات السيئات.
ويجوز أن يكون (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً) أي : لا يؤمنون إلا نفرا قليلا ، كقوله : (وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) (٧). فهذا قلة فى العدد ، ويكون حالا. ولا يراد به القلة التي هى الوضع ، والتي هى خلاف الكثرة فى قوله :
وأنت كثير يا ابن مروان طيّب
__________________
(١) الذاريات : ١٧.
(٢) يوسف : ٢٠.
(٣) الأنبياء : ٥٦.
(٤) في الأصل : «فصلا».
(٥) البقرة : ٨٨.
(٦) فاطر : ١٠.
(٧) هود : ٤٠.