أن واللام من الكلام الإنكاري في جواب منكر مصر وهذا تعليل ل (كَلَّا) والقسم معترض للتأكيد لا جواب له أو جوابه مقدر يدل عليه (كَلَّا) وفي التعليل نوع خفاء فتأمل. وضمير (إِنَّها) لسقر و (الْكُبَرِ) جمع الكبرى جعلت ألف التأنيث كتائها فكما جمعت فعلة على فعل جمعت فعلى عليها ونظيرها السوافي في جمع السافياء والقواصع في جمع القاصعاء فإن فاعلة تجمع على فواعل باطراد لا فاعلاء لكن حمل فاعلاه على فاعلة لاشتراك الألف والتاء في الدلالة على التأنيث وضعا فجمع فيهما على فواعل وقول ابن عطية (الْكُبَرِ) جمع كبيرة وهم كما لا يخفى أي إن سقر لإحدى الدواهي الكبر على معنى أن البلايا الكبيرة كثيرة وسقر واحدة منها قيل فيكون في ذلك إشارة إلى أن بلاءهم غير محصور فيها بل تحل بهم بلايا غير متناهية أو أن البلايا الكبيرة كثيرة وسقر من بينهم واحدة في العظم لا نظير لها وهذا كما يقال فلان أحد الأحدين وهو واحد الفضلاء وهي إحدى النساء وعلى هذا اقتصر الزمخشري. ورجح الأول بأنه أنسب بالمقام ولعله لما تضمن من الإشارة وقيل المعنى إنها لإحدى دركات النار الكبر السبع لأنها جهنم ولظى والحطمة وسقر والسعير والجحيم والهاوية. ونقل عن صاحب التيسير وليس بذاك أيضا وقيل ضمير (إِنَّها) يحتمل أن يكون للنذارة وأمر الآخرة. قال في البحر فهو للحال والقصة وقيل هو للساعة فيعود على غير مذكور. وقرأ نصر بن عاصم وابن محيصن ووهب بن جرير عن ابن كثير «لحدى الكبرى» بحذف همزة إحدى وهو حذف لا ينقاس وتخفيف مثل هذه الهمزة أن تجعل بين بين (نَذِيراً لِلْبَشَرِ) قيل تمييز (لَإِحْدَى الْكُبَرِ) على أن (نَذِيراً) مصدر بمعنى إنذارا كالنكير بمعنى الإنكار أي إنها لإحدى الكبر إنذارا والمعنى على ما سمعت عن الزمخشري أنها لأعظم الدواهي إنذارا وهو كما تقول هي إحدى النساء عفافا. وقال الفراء : هو مصدر نصب بإضمار فعل أي إنذار إنذارا وذهب غير واحد إلى أنه اسم فاعل بمعنى منذرة فقال الزجاج حال من الضمير في أنها وفيه مجيء الحال من اسم أن وقيل حال من الضمير في (لَإِحْدَى) واختار أبو البقاء كونه حالا مما دلت عليه الجملة والتقدير عظمت أو كبرت نذيرا وهو على ما قال أبو حيان قول لا بأس به وجوزت هذه الأوجه على مصدريته أيضا بتأويله بالوصف وقال النحاس : حذفت الهاء من (نَذِيراً) وإن كان للنار على معنى النسب يعني ذات إنذار وقد يقال في عدم إلحاق الهاء فيه غير ذلك مما قيل في عدم إلحاقها في قوله تعالى (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف : ٥٦] وقال أبو رزين : المراد بالنذير هنا هو الله تعالى فهو منصوب بإضمار فعل أي ادع نذيرا أو نحوه. وقال ابن زيد : المراد به النبيّ صلىاللهعليهوسلم قيل فهو منصوب بإضمار فعل أي ادع نذيرا أو نحوه. وقال ابن زيد : المراد به النبي صلىاللهعليهوسلم قيل فهو منصوب بإضمار فعل أيضا أي ناد أو بلغ أو أعلن وهو كما ترى ولو جعل عليه حالا من الضمير المستتر في الفعل لكان أولى وكذا لو جعل منادى والكلام نظير قولك إن الأمر كذا يا فلان وقيل إنه على هذا حال من ضمير (قُمْ) أول السورة وفيه خرم النظم الجليل ولذا قيل هو من بدع التفاسير. وقرأ أبيّ وابن أبي وابن عبلة «نذير» بالرفع على أنه خبر بعد خبر لأن أو خبر لمبتدإ محذوف أي هي نذير على ما هو المعول عليه من أنه وصف النار وأما على القول بأنه وصف الله تعالى أو الرسول عليه الصلاة والسلام فهو خبر لمحذوف لا غير أي هو نذير (لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) الجار والمجرور بدل من الجار والمجرور فيما سبق أعني «البشر» وضمير (شاءَ) للموصول أي نذيرا للمتمكنين منكم من السبق إلى الخير والتخلف عنه. وقال السدي أن يتقدم إلى النار المتقدم ذكرها أو يتأخر عنها إلى الجنة وقال الزجاج : أن يتقدم إلى المأمورات أو يتأخر عن المنهيات وفسر بعضهم التقدم بالإيمان والتأخر بالكفر وقيل : ضمير شاء الله تعالى أي نذيرا لمن شاء الله تعالى منكم تقدمه أو تأخره وجوز أن يكون لمن خبرا مقدما وأن يتقدم أو