وبالحاصب الحصى وقد رمى صلىاللهعليهوسلم به في وجوههم كما في الخبر المشهور ، أو لم يقعا بناء على ما عرف أولا من المراد بهما ولا يضر ذلك إذ تخلف الوعيد لا ضير فيه فليس بشيء كما لا يخفى وكان كفار مكة يدعون على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعلى المؤمنين بالهلاك فقال سبحانه له عليه الصلاة والسلام (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أي أروني كما هو المشهور وقد مر تحقيقه (إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ) أي من المؤمنين (أَوْ رَحِمَنا) أي بالنصرة عليكم (فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) أي فمن يجيركم من عذاب النار ، وأقيم الظاهر مقام المضمر المخاطب دلالة على أن موجب البوار محقق فأنّى لهم الإجارة والظاهر أن جواب الشرط والمعطوف عليه شيء واحد وحاصل المعنى لا مجير لكم من عذاب النار لكفركم الموجب له انقلبنا إلى رحمة الله تعالى بالهلاك كما تمنون لأن فيه الفوز بنعيم الآخرة أو بالنصرة عليكم ، والأدلة للإسلام كما نرجو لأن في ذلك الظفر بالبغيتين ويتضمن ذلك حثهم على طلب الخلاص بالإيمان وأن فيما هم فيه شغلا شاغلا عن تمني هلاك النبي عليه الصلاة والسلام ومن معه من المؤمنين ، وهذا أوجه أوجه ثلاثة ذكرها الزمخشري. ثانيها أن المعنى أن أهلكنا الله تعالى بالموت ونحن هداتكم والآخذون بحجزكم فمن يجيركم من النار وإن رحمنا بالغلبة عليكم وقتلكم عكس ما تمنون فمن يجيركم لأن المقتول على أيدينا هالك في الدنيا والآخرة ، وعلى هذا الجواب متعدد لتعدد موجبه ، ورجح الأول بأن فيه تسفيها لرأيهم لطلبهم ما هو سعادة أعدائهم ثم الحث على ما هو أحرى وهو الخلاص مما هم فيه من موجب الهلاك وهذا فيه الأول من حيث إنهم لم يتمنون هلاك من يجيرهم من عذاب بإرشاده والسياق ادعى للأول وثالثها أن المعنى إن أهلكنا الله تعالى في الآخرة بذنوبنا ونحن مسلمون فمن يجير الكافرين وهم أولى بالهلاك لكفرهم وإن رحمنا بالإيمان فمن يجير من لا إيمان له وعلى هذا الجواب متعدد أيضا ، والهلاك فيه محمول على المجاز دون الحقيقة كما في سابقه ، والغرض الجزم بأنهم لا مجير لهم وأن حالهم إذا ترددت بين الهلاك بالذنب والرحمة بالإيمان وهم مؤمنون فما ذا يكون حال من لا إيمان له وهذا فيه بعد (قُلْ) أي لهم جوابا عن تمنيهم ما لا يجديهم بل يرديهم معرضا بسوء ما هم عليه (هُوَ الرَّحْمنُ) أي الله الرحمن (آمَنَّا بِهِ) أي فيجيرنا برحمته عزوجل من عذاب الآخرة ولم نكفر مثلكم حتى لا نجاز البتة ولما جعل الكفر سبب الإساءة في الآية الأولى جعل الإيمان سبب الإجارة في هذه ليتم التقابل ويقع التعريض موقعه ولم يقدم مفعول (آمَنَّا) لأنه لو قيل به آمنا كان ذهابا إلى التعريض بإيمانهم بالأصنام وكان خروجا عما سيق له الكلام وحسن التقديم في قوله تعالى (وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا) لاقتضاء التعريض بهم في أمر التوكل ذلك أي وعليه توكلنا ونعم الوكيل فنصرنا لا على العدد والعدد كما أنتم عليه والحاصل أنه لما ذكر فيما قبل الإهلاك والرحمة وفسر برحمة الدنيا والآخرة أكد هاهنا بحصولها لهم في الدارين لإيمانهم وتوكلهم عليه تعالى خاصة ، وفي ذلك تحقيق عدم حصولها للكافرين لانتفاء الموجبين ثم في الآية خاتمة على منوال السابقة وتبيين أن أحسن العمل الإيمان والتوكل على الله تعالى وحده وهو حقيقة التقوى وقوله تعالى (فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي في الدارين وعيد بعد تلخيص الموجب لكنه أخرج مخرج الكلام المنصف أي من هو منا ومنكم في إلخ وقرأ الكسائي «فسيعلمون» بياء الغيبة نظرا إلى قوله تعالى (فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ) وقوله سبحانه (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أي أخبروني (إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) أي غائرا ذاهبا في الأرض بالكلية وعن الكلبي لا تناله الدلاء وهو مصدر وصف به للمبالغة أو مؤول باسم الفاعل. وأيّا ما كان فليس المراد بالماء ماء معينا وإن كانت الآية كما روى ابن المنذر والفاكهي عن ابن الكلبي نازلة في بئر زمزم وبئر ميمون بن الحضرمي (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) أي جار أو ظاهر سهل المأخذ لوصول الأيدي