(لَوْ) على حقيقتها وجوابها محذوف. وكذا مفعول (وَدُّوا) أي ودوا ادهانك لو تدهن فيدهنون لسروا بذلك (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ) كثير الحلف في الحق والباطل وكفى بهذا مزجرة لمن اعتاد الحلف لأنه جعل فاتحة المثالب وأساس الباقي ، وهو يدل على عدم استشعار عظمة الله عزوجل وهو أم كل شر عقدا وعملا ، وذكر بعضهم أن كثرة الحلف مذمومة ولو في الحق لما فيها من الجرأة على اسمه جل شأنه ، وهذا النهي للتهييج والإلهاب أيضا أي دم على ما أنت عليه من عدم طاعة كل حلاف (مَهِينٍ) حقير الرأي والتدبير. وقال الرماني : المهين الوضيع لإكثاره من القبيح من المهانة وهي القلة ، وأخرج ابن المنذر وعبد بن حميد عن قتادة أنه قال : هو المكثار في الشر. وأخرج ابن جرير وغيره عن ابن عباس أنه الكذاب (هَمَّازٍ) عياب طعان قال أبو حيان : هو من الهمز وأصله في اللغة الضرب طعنا باليد أو بالعصا ونحوها ، ثم استعير للذي ينال بلسانه قال منذر بن سعيد وبعينه وإشارته (مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) نقّال للحديث من قوم إلى قوم على وجه الإفساد بينهم ، فإن النميم والنميمة مصدران بمعنى السعاية والإفساد. وقيل : النميم جمع نميمة يريدون به الجنس وأصل النميمة الهمس والحركة الخفيفة ، ومنه اسكت الله تعالى نامته أي ما ينم عليه من حركته (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) أي بخيل ممسك من منع معروفه عنه إذا أمسكه فاللام للتقوية والخير على ما قيل المال أو مناع الناس الخير وهو الإسلام من منعت زيدا من الكفر إذا حملته على الكف ، فذكر الممنوع منه كأنه قيل مناع من الخير دون الممنوع وهو الناس عكس وجه الأول والتعميم هنالك وعدم ذكر الممنوع منه أوقع (مُعْتَدٍ) مجاوز في الظلم حده (أَثِيمٍ) كثير الآثام وهي الأفعال البطيئة عن الثواب والمراد بها المعاصي والذنوب (عُتُلٍ) قال ابن عباس الشديد الفاتك ، وقال الكلبي : الشديد الخصومة بالباطل. وقال معمر وقتادة : الفاحش اللئيم ، وقيل : هو الذي يعتل الناس أي يجرهم إلى حبس أو عذاب بعنف وغلظة ، ويقال عتنه بالنون كما يقال عتله باللام كما قال ابن السكيت وقرأ الحسن «عتلّ» بالرفع على الذم (بَعْدَ ذلِكَ) أي المذكور من مثالبه وقبائحه و (بَعْدَ) هنا كثم الدالة على التفاوت الرتبي فتدل على أن ما بعد أعظم في القباحة وفي الكشف أشعر كلام الزمخشري أنه متعلق بعتل فلزم تباينه من الصفات السابقة وتباين ما بعده أيضا لأنه في سلكه (زَنِيمٍ) دعي ملحق بقوم ليس منهم كما قال ابن عباس ، والمراد به ولد الزنا كما جاء بهذا اللفظ عنه رضي الله تعالى عنه وأنشد الحسان :
زنيم تداعته الرجال زيادة |
|
كما زيد في عرض الأديم الأكارع |
وكذا جاء عن عكرمة وأنشد :
زنيم ليس يعرف من أبوه |
|
بغيّ الأم ذو حسب لئيم |
من الزنمة بفتحات وهي ما يتدلى من الجلد في حلق المعز والفلقة من أذنه تشق فتترك معلقة ، وإنما كان هذا أشد المعايب لأن الغالب أن النطفة إذا خبثت خبث الناشئ منها ومن ثم قال صلىاللهعليهوسلم : «فرخ الزنا أي ولده لا يدخل الجنة» فهو محمول على الغالب فإنه في الغالب لخباثة نطفته يكون خبيثا لا خير فيه أصلا فلا يعمل عملا يدخل به الجنة. وقال بعض الأجلة : هذا خارج مخرج التهديد والتعريض بالزاني ، وحمل على أنه لا يدخل الجنة مع السابقين لحديث الدارمي عن عبد الله بن عمر مرفوعا : «لا يدخل الجنة عاق ولا ولد زنية ولا منان ولا مدمن خمر» فإنه سلك في قرن العاق والمنان ومدمن الخمر ولا ارتياب أنهم عند أهل السنة ليسوا من زمرة من لا يدخل الجنة أبدا. وقيل المراد أنه لا يدخل الجنة بعمل أبويه إذا مات صغيرا بل يدخلها بمحض