أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم. فقال نبي الله صلىاللهعليهوسلم ثلاث مرات : «قد غفر له قد غفر له قد غفر له». وأخرج البخاري ومالك وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد أن رجلا سمع رجلا يقرأ (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) يرددها ، فلما أصبح جاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فذكر ذلك له وكان الرجل يتقالها ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن». وأخرج أحمد والنسائي في اليوم والليلة من طريق هشيم عن أبيّ بن كعب أو رجل من الأنصار قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ بثلث القرآن». وفي رواية يوسف بن عطية الصفار بسنده عن أبيّ مرفوعا : «من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن. وكتب له من الحسنات بعدد من أشرك بالله تعالى وآمن به». وجاء أنها تعدل ثلث القرآن في عدة أخبار مرفوعة وموقوفة. وفي المسند من طريق ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن أبي الهيثم عن أبي سعيد قال : بات قتادة بن النعمان يقرأ الليلة كله بقل هو الله أحد فذكر ذلك للنبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : «والذي نفسي بيده إنها لتعدل نصف القرآن أو ثلثه» وحمل على الشك من الراوي والروايات تعين الثلث. واختلف في المراد بذلك فقيل : المراد أنها باعتبار معناها ثلث من القرآن المجزأ إلى ثلاثة لا أن ثواب قراءتها ثلث ثواب القرآن وإلى هذا ذهب جماعة لكنهم اختلفوا في بيان ذلك فقيل إن القرآن يشتمل على قصص وأحكامها وعقائد وهي كلها مما يتعلق بالعقائد فكانت ثلثا بذلك الاعتبار. وقال الغزالي في الجواهر ما حاصله : هي عدل ثلثه باعتبار أنواع العلوم الثلاثة التي هي أم ما في القرآن علم المبدأ وعلم المعاد وعلم ما بينهما أعني الصراط المستقيم. وقال الجوني : المطالب التي في القرآن معظمها الأصول الثلاثة التي بها يصح الإسلام ويحصل الإيمان وهي معرفة الله تعالى والاعتراف بصدق رسولهصلىاللهعليهوسلم واعتقاد القيام بين يديه وهذه السورة تفيد الأصل الأول فهي ثلثه من هذا الوجه. وقيل القرآن قسمان خبر وإنشاء والخبر قسمان خبر عن الخالق وخبر عن المخلوق فهذه ثلاثة أثلاث ، وسورة الإخلاص أخلصت الخبر عن الخالق فهي بهذا الاعتبار ثلث وهذا كما ترى. وأيّا ما كان قيل لا تنافي بين رواية الثلث ورواية عدل القرآن كله المذكورة في الكشاف على تقدير ثبوتها لجواز أن يقال هي عدل القرآن باعتبار أن المقصود التوحيد وما عداه ذرائع إليه. ويؤيد اعتبار الأجزاء أنفسها دون الثواب ما في صحيح مسلم من طريق قتادة عن أبي الدرداء أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أيعجز أحدكم أن يقرأ كل يوم ثلث القرآن»؟ قالوا : نعم. قال : «فإن الله تعالى جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فقل هو الله أحد ثلث القرآن». وقيل المراد تعدل الثلث ثوابا لظواهر الأحاديث. وضعف ذلك ابن عقيل وقال : لا يجوز أن يكون المعنى فله أجر ثلث القرآن لقوله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات» فيكون ثواب قراءة القرآن بتمامه أضعافا مضاعفة بالنسبة لثواب قراءة هذه السورة ، والدواني أورد هذا إشكالا على هذا القول ثم أجاب بأن للقارئ ثوابين تفصيليا بحسب قراءة الحروف وإجماليا بسبب ختمه القرآن فثواب (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) يعدل ثلث ثواب الختم الإجمالي لا غيره ، ونظيره إذا عيّن أحد لمن يبني له دارا في كل يوم دنانير وعيّن له إذا أتمه جائزة أخرى غير أجرته اليومية. وفي شرح البخاري للكرماني فإن قلت المشقة في قراءة الثلث أكثر منها في قراءتها فكيف يكون حكمه حكمها؟ قلت : يكون ثواب قراءة الثلث بعشر وثواب قراءتها بقدر ثواب مرة منها لأن التشبيه في الأصل دون الزائد وتسع منها في مقابلة زيادة المشقة. وقال الخفاجي بعد أن قال ليس فيما ذكر ما يثلج الصدر ويطمئن له البال والذي عندي في ذلك أن للناظر في معنى كلام الله تعالى المتدبر لآياته ثوابا وللتالي له وإن لم يفهمه ثواب آخر ، فالمراد أن من تلاها مراعيا حقوق أدائها فاهما دقيق معانيها كانت تلاوته لها مع تأملها وتدبرها تعدل ثواب تلاوة ثلث القرآن من غير نظر في معانيه أو ثلث ليس فيه ما يتعلق بمعرفة