صفات الكمال وهي الصفات الثبوتية. ويقال لها صفات الإكرام أيضا. والأحد يدل على جميع صفات الجلال وهي الصفات السلبية ويتضمن الكلام على كونهما خبرين الإخبار بكون المسئول عنه متصفا بجميع الصفات الجلالية والكمالية. وتعقب بأن الإلهية جامعة لجميع ذلك بل كل واحد من الأسماء الحسنى كذلك لأن الهوية إلهية لا يمكن التعبير عنها لجلالتها وعظمتها إلّا بأنه هو هو ، وشرح تلك الهوية بلوازم منها ثبوتية ومنها سلبية واسم الله تعالى متناول لهما جميعا فهو إشارة إلى هويته تعالى والله سبحانه كالتعريف لها فلذا عقب به ، وكلام الرئيس ينادي بذلك وسنشير إليه إن شاء الله تعالى.
وقرأ عبد الله وأبي «هو الله أحد» بغير «قل» وقد اتفقوا على أنه لا بد منها في (قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ) [الكافرون : ١] ولا تجوز في تبت ، فقيل : لعل ذلك لأن سورة الكافرين مشاقة الرسول صلىاللهعليهوسلم ، أو موادعته عليه الصلاة والسلام لهم ومثل ذلك يناسب أن يكون من الله تعالى لأنه صلىاللهعليهوسلم مأمور بالإنذار والجهاد ، وسورة تبت معاتبة لأبي لهب والنبي عليه الصلاة والسلام على خلق عظيم وأدب جسيم ، فلو أمر بذلك لزم مواجهته به وهو عمه صلىاللهعليهوسلم وهذه السورة توحيد وهو يناسب أن يقول به تارة ويؤمر بأن يدعو إليه أخرى. وقيل في وجه قل في سورة الكافرون إن فيها ما لا يصح أن يكون من الله تعالى ك (لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) [الكافرون : ٣] فلا بد فيها من ذكر قل وفيه نظر لأنه لا يلزم ذكره بهذا اللفظ فافهم. وقال الدواني في وجه ترك قل في تبت: لا يبعد أن يقال إن القول بمعاتبة أبي لهب إذا كان من الله تعالى كان أدخل في زجره وتفضيحه. وقيل : فيه رمز إلى أنه لكونه على العلات عمه صلىاللهعليهوسلم لا ينبغي أن يهينه بمثل هذا الكلام إلّا الذي خلقه إذ لا يبعد أن يتأذى مسلم من أقاربه لو سبه أحد غيره عزوجل فقد أخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر المنقول عن جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله تعالى عنهما قال : مرت درة ابنة أبي لهب برجل ، فقال : هذه ابنة عدو الله أبي لهب. فأقبلت عليه فقالت : ذكر الله تعالى أبي بنباهته وشرفه وترك أباك بجهالته ثم ذكرت ذلك للنبيّ صلىاللهعليهوسلم فخطب فقال : «لا يؤذين مسلم بكافر» ثم إن إثبات قل على قراءة الجمهور في المصحف والتزام قراءتها في هذه السورة ونظائرها مع أنه ليس من دأب المأمور بقل أن يتلفظ في مقام الائتمار إلّا بالمقول. قال الماتريدي في التأويلات : لأن المأمور ليس المخاطب به فقط بل كل أحد ابتلي بما ابتلى به المأمور فأثبت ليبقى على مر الدهور منّا على العباد. وقيل يمكن أن يقال المخاطب بقل نفس التالي كأنه تعالى أعلم به أن كل أحد عند مقام هذا المضمن ينبغي أن يأمر نفسه بالقول به وعدم التجاوز عنه فتأمل والله تعالى الموفق.
وقوله تعالى (اللهُ الصَّمَدُ) مبتدأ وخبر وقيل (الصَّمَدُ) نعت والخبر ما بعده وليس بشيء. و (الصَّمَدُ) قال ابن الأنباري لا خلاف بين أهل اللغة أنه السيد الذي ليس فوقه أحد الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم. وقال الزجاج : هو الذي ينتهي إليه السؤدد ويصمد إليه أي يقصده كل شيء وأنشدوا :
لقد بكر الناعي بخير بني أسد |
|
بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد |
وقوله :
علوته بحسام ثم قلت له |
|
خذها خزيت فأنت السيد الصمد |
وعن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أنه قال : هو السيد الذي قد كمل في سؤدده ، والشريف الذي قد كمل في شرفه ، والعظيم الذي قد كمل في عظمته ، والحليم الذي قد كمل في حلمه ، والعليم الذي قد كمل في علمه ، والحكيم الذي قد كمل في حكمته ، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد وعن أبي هريرة