وفوق ذلك ثمانية أو عال بين أظلافهن ووركهن ما بين سماء إلى سماء ثم فوق ظهورهن العرش بين أسفله وأعلاه مثل ما بين السماء إلى السماء والمراد بالأوعال فيه ملائكة على صورة الأوعال كما قال ابن الأثير وغيره وهي جمع وعل بكسر العين تيس الجبل واستدل به على أن المراد ثمانية أشخاص والأخبار الدالة على ذلك كثيرة إلا أن فيها تدافعا من حيث دلالة بعضها على أن بعضهم على صورة الإنسان وبعضهم على صورة الأسد وبعضهم على صورة الثور وبعضهم على صورة النسر ودلالة بعض آخر على أن كل واحد منهم أربعة أوجه وجه ثور ووجه نسر ووجه أسد ووجه إنسان وفيه لكل واحد منهم أربعة أجنحة أما جناحان فعلى وجهه مخافة من أن ينظر إلى العرش فيصعق ، وأما جناحان فيطير بهما وأبو حيان لم يقل بصحة شيء من ذلك حيث قال ذكروا في صفات هؤلاء الثمانية أشكالا متكاذبة ضربنا عن ذكرها صفحا. وأخرج عبد بن حميد عن ابن زيد عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «يحمله اليوم أربعة ويوم القيامة ثمانية». وأخرج عنه ابن أبي حاتم أنه لم يسم من حملة العرش إلّا إسرافيل عليهالسلام قال وميكائيل عليهالسلام ليس من حملة العرش وعليه فمن زعم أنهما وجبرائيل وعزرائيل عليهالسلام من جملة حملته يلزمه إثبات ذلك بخبر يعول عليه. وعن شهر بن حوشب أربعة منهم يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على عفوك بعد قدرتك ، وأربعة يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك لك الحمد على حلمك بعد علمك. وفي خبر عن وهب بن منبه ليس لهم كلام إلّا قولهم قدسوا الله القوي الذي ملأت عظمته السماوات. وأكثر الأخبار في هذا الباب لا يعول عليه وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك أنه قال يقال ثمانية صفوف لا يعلم عدتهم إلا الله عزوجل. وأخرج هذا القول ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس وقال الحسن : الله تعالى أعلم كم هم أثمانية أصناف أم ثمانية أشخاص وأنت تعلم أن الظاهر المؤيد ببعض الأخبار المصححة أنهم ثمانية أشخاص وأيّا كان فالظاهر أن هناك حملا على الحقيقة وإليه ذهب محيي الدين قدسسره قال : إن لله تعالى ملائكة يحملون العرش الذي هو السرير على كواهلهم هم اليوم أربعة وغدا يكونون ثمانية لأجل الحمل إلى أرض المحشر. وله قدسسره في الباب الثالث عشر من فتوحاته كلام واسع في حملة العرش لا سيما على تفسيره بالملك فليرجع إليه من اتسع كرسي ذهنه لفهم كلامه وجوز أن يكون ذلك تمثيلا لعظمته عزوجل بما يشاهد من أحوال السلاطين يوم خروجهم على الناس للقضاء العام فالمراد تجليه عزوجل بصفة العظمة وجعل العرض في قوله تعالى (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ) مجازا عن الحساب والمراد يومئذ تحاسبون لكنه شبه ذلك بعرض السلطان العسكر ليعرف أحوالهم فعبر عنه به. وأخرج الإمام أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما الثالث فعند ذلك تطاير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله» والجملة المعوض عنها التنوين على ما يدل عليه كلامهم (نُفِخَ فِي الصُّورِ) وجعل (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ) بدلا من (فَيَوْمَئِذٍ) إلخ وقد سمعت أن الزمان متسع لجميع ما ذكر وغيره وقوله تعالى (لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) حال من مرفوع (تُعْرَضُونَ) أي تعرضون غير خاف عليه عزوجل سر من أسراركم قبل ذلك أيضا وإنما العرض لإفشاء الحال وإقامة الحجة والمبالغة في العدل أو غير خاف يومئذ على الناس كقوله تعالى : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) [الطارق : ٩] وقرأ حمزة والكسائي وابن وثاب وطلحة والأعمش وابن مقسم عن عاصم وغيرهم «لا يخفى» بالياء التحتانية (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) تفصيل لأحكام العرض والمراد بكتابه ما كتب الملائكة فيه ما فعله في الدنيا. وقد ذكروا أن أعمال كل يوم وليلة تكتب في صحيفة فتتعدد صحف العبد الواحد فقيل توصل له فيؤتاها موصولة. وقيل ينسخ ما في