مهل من الفلزات والمراد يوم تكون السماء واهية وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية أن السماء الآن خضراء وأنها تحول يوم القيامة لونا آخر إلى الحمرة (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ) كالصوف دون تقييد أو الأحمر أو المصبوغ ألوانا أقوال واختار جمع الأخير وذلك لاختلاف ألوان الجبال فمنها جدد بيض وحمر وغرابيب سود فإذا بست وطيرت في الجو أشبهت العهن أي المنفوش كما في القارعة إذا طيرته الريح وعن الحسن تسير الجبال مع الرياح ثم ينهد ثم تصير كالعهن ثم تنسف فتصير هباء (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) أي لا يسأل قريب مشفق قريبا مشفقا عن حاله ولا يكلمه لابتلاء كل منهم بما يشغله عن ذلك أخرجه ابن المنذر وعبد بن حميد عن قتادة وفي رواية أخرى عنه لا يسأله عن حاله لأنها ظاهرة وقيل لا يسأله أن يحمل عنه أوزاره شيئا ليأسه عن ذلك وقيل لا يسأله شفاعة وفي البحر لا يسأله نصره ولا منفعته لعلمه أنه لا يجد ذلك عنده. ولعل الأول أبلغ في التهويل وأيّا ما كان فمفعول (يَسْئَلُ) الثاني محذوف وقيل (حَمِيماً) منصوب بنزع الخافض أي لا يسأل حميم عن حميم وقرأ أبو حيوة وشيبة وأبو جعفر والبزي بخلاف عن ثلاثتهم «ولا يسأل» مبنيا للمفعول أي لا يطلب من حميم حميم ولا يكلف إحضاره أو لا يسأل منه حاله وقيل لا يسأل ذنوب حميمه ليؤخذ بها (يُبَصَّرُونَهُمْ) أي يبصر الأحماء الأحماء فلا يخفون عليهم وما يمنعهم من التساؤل إلا اشتغالهم بحال أنفسهم وقيل ما يغني عنه من مشاهدة الحال كبياض الوجه وسواده ولا يخفى حاله ويبصرونهم قيل من بصرته بالشيء إذا أوضحته له حتى يبصره ثم ضمن معنى التعريف أو حذف الصلة إيصالا وجمع الضميرين لعموم الحميم والجملة استئناف كأنه لما قيل (لا يَسْئَلُ) إلخ قيل لعله لا يبصره فقيل (يُبَصَّرُونَهُمْ) وجوز أن تكون صفة أي (حَمِيماً) مبصرين معرفين إياهم وأن تكون حالا إما من الفاعل أو من المفعول أو من كليهما ولا يضر التنكير لمكان العموم وهو مسوغ للحالية ورجحت على الوصفية بأن التقييد بالوصف في مقام الإطلاق والتعميم غير مناسب وليس فيها ذلك فلا تغفل. وقرأ قتادة «يبصرونهم» مخففا مع كسر الصاد أي يشاهدونهم (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ) أي يتمنى الكافر وقيل كل مذنب وقوله تعالى (لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ) أي العذاب الذي ابتلي به يومئذ (بِبَنِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ) حكاية لودادتهم و (لَوْ) في معنى التمني وقيل هي بمنزلة أن الناصبة فلا يكون لها جواب ، وينسبك منها ومما بعدها مصدر يقع مفعولا ليود والتقدير (يَوَدُّ) افتداءه ببنيه إلخ والجملة استئناف لبيان أن اشتغال كل مجرم بنفسه بلغ إلى حيث يتمنى أن يفتدى بأقرب الناس إليه وأعلقهم بقلبه فضلا أن يهتم بحاله ويسأل عنها وجوز أن تكون حالا من ضمير الفاعل على فرض أن يكون هو السائل فإن فرض أن السائل المفعول فهي حال من ضميره وقيل الظاهر جعلها حالا من ضمير الفاعل لأنه المتمني وأيّا ما كان فالمراد (يَوَدُّ الْمُجْرِمُ) منهم وقرأ نافع والكسائي كما في أنوار التنزيل والأعرج «يومئذ» بالفتح على البناء للإضافة إلى غير متمكن وقرأ أبو حيوة كذلك وبتنوين «عذاب» فيومئذ حينئذ منصوب بعذاب لأنه في معنى تعذيب (وَفَصِيلَتِهِ) أي عشيرته الأقربين الذين فصل عنهم كما ذكره غير واحد ولعله أولى من قول الراغب عشيرته المنفصلة عنه وقال ثعلب (فَصِيلَتِهِ) آباؤه الأدنون وفسر أبو عبيدة الفصيلة بالفخذ (الَّتِي تُؤْوِيهِ) أي تضمنه انتماء إليها لياذا بها في النوائب (وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) من الثقلين الإنس والجن أو الخلائق الشاملة لهم ولغيرهم ومن للتغليب (ثُمَّ يُنْجِيهِ) عطف على (يَفْتَدِي) والضمير المرفوع للمصدر الذي في ضمن الفعل أي يود لو يفتدي ثم لو ينجيه الافتداء ، وجوز أبو حيان عود الضمير إلى المذكور والزمخشري عوده إلى (مَنْ فِي الْأَرْضِ) وثم الاستبعاد الإنجاء يعني يتمنى لو كان هؤلاء جميعا تحت يده وبذلهم في فداء نفسه ثم ينجيه ذلك وهيهات وقرأ الزهري «تؤويه» و «ينجيه»