ثم ان يزيد (لع) أمر برد السبايا والأسارى الى المدينة ، وأرسل معهم النعمان بن بشير الأنصاري في جماعة ، فلما بلغوا الى العراق قالوا للدليل : مر بنا على طريق كربلا ، فلما وصلوا الى موضع المصرع وجدوا جابرا بن عبد الله الأنصاري وجماعة من بني هاشم ورجالا من آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليهالسلام ، فتوافوا في وقت واحد وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم وأقاموا المأتم ، واجتمع عليهم أهل ذلك السواد وأقاموا على ذلك أياما.
وعن كتاب بشارة المصطفى وغيره بسنده عن الأعمش بن (عن خ ل) عطية العوفي ، قال : خرجت مع جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه زائرا قبر الحسين عليهالسلام ، فلما وردنا كربلا دنا جابر من شاطىء الفرات فاغتسل ثم اتزر بازار وارتدى بآخر ، ثم فتح صرة فيها سعد فنثرها على بدنه ، ثم لم يخط خطوة إلا ذكر الله تعالى ، حتى إذا دنا من القبر قال: المسنيه فالمسته إياه ، فخر على القبر مغشيا عليه ، فرششت عليه شيئا من الماء ، فلما أفاق قال : يا حسين ثلاثا ، ثم قال : حبيب لا يجيب حبيبه ، ثم قال : وانى لك بالجواب وقد شخبت أوداجك على أثباجك وفرق بين بدنك ورأسك ، أشهد انك ابن خير النبيين ، وابن سيد المؤمنين ، وابن حليف التقوى ، وسليل الهدى ، وخامس أصحاب الكسا ، وابن سيد النقبا ، وابن فاطمة سيدة النسا ، ومالك لا تكون هكذا وقد غذتك كف سيد المرسلين ، وربيت في حجر المتقين ، ورضعت من ثدي الايمان ، وفطمت بالاسلام ، فطبت حيا وطبت ميتا ، غير ان قلوب المؤمنين غير طيبة بفراقك ، ولا شاكة في حياتك ، فعليك سلام الله ورضوانه ، وأشهد انك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريا.
ثم جال ببصره حول القبر وقال : السلام عليكم ايتها الأرواح التي