وقال محمد بن أبي طالب خرج الحسين عليهالسلام من منزله ذات ليلة وأقبل إلى قبر جده صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله أنا الحسين بن فاطمة فرخك وابن فرختك وسبطك الذي خلقتني في أمتك فاشهد عليهم يا نبي الله أنهم قد خذلوني وضيعوني ولم يحفظوني وهذه شكواي إليك حتى القاك ثم قام فصف قدميه فلم يزل راكعا وساجدا ، فلما كانت الليلة الثانية خرج إلى القبر أيضا وصلى ركعات ، فلما فرغ من صلاته جعل يقول : اللهم هذا قبر نبيك محمد وأنا ابن بنت نبيك وقد حضرني من الأمر ما قد علمت ، اللهم اني أحب المعروف وانكر المنكر وأنا أسألك يا ذا الجلال والإكرام بحق القبر ومن فيه الا اخترت لي ما هو لك رضا ولرسولك رضا.
ولما عزم الحسين عليهالسلام على الخروج من المدينة مضى في جوف الليل إلى قبر أمه فودّعها ثم مضى إلى قبر أخيه الحسن عليهالسلام ففعل كذلك وخرج معه بنو أخيه وأخوته وجل أهل بيته إلّا محمد بن الحنفية فانه لما علم عزمه على الخروج من المدينة لم يدر أين يتوجّه فقال له يا أخي أنت أحب الناس إليّ وأعزهم عليّ ولست والله أدخر النصيحة لأحد من الخلق وليس أحد أحق بها منك لأنك مزاج مائي ونفسي وروحي وبصري وكبير أهل بيتي ومن وجبت طاعته في عنقي لأن الله قد شرفك عليّ وجعلك من سادات أهل الجنة تنحّ ببيعتك عن يزيد وعن الأمصار ما استطعت ثم ابعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك ، فان بايعك الناس وبايعوا لك حمدت الله على ذلك وان اجتمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولا تذهب به مروءتك ولا فضلك اني أخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم فمنهم طائفة معك وأخرى عليك فيقتتلون
__________________
ـ قال : ان وصول كتاب يزيد الى الوليد كان في أول شعبان ، ومقتضى ما تقدم ان يكون وصوله في أواخر رجب لثلاث أو أربع بقين منه (منه).