وأصبح ابن زياد فنادى في الناس الصلاة جامعة فاجتمع الناس ، فخرج اليهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
أما بعد فان أمير المؤمنين يزيد ولاني مصركم وثغركم وفيئكم ، وأمرني بانصاف مظلومكم واعطاء محرومكم والاحسان الى سامعكم ومطيعكم وبالشدة على مريبكم وعاصيكم ، وأنا متبع فيكم أمره ومنفذ فيكم عهده ، فأنا لمحسنكم ومطيعكم كالولد البر ، وسوطي وسيفي على من ترك أمري وخالف عهدي ، فليتق امرؤ على نفسه الصدق ينبئ عنك لا الوعيد ثم نزل ، وفي رواية انه قال : فأبلغوا هذا الرجل الهاشمي (يعني مسلما بن عقيل) ليتقي غضبي ، وأخذ العرفاء (١) والناس أخذا شديدا فقال : اكتبوا لي الغرباء ومن فيكم من طلبة أمير المؤمنين (٢) ومن فيكم من الحرورية (٣) وأهل الريب الذين شأنهم الخلاف والنفاق والشقاق ثم يجاء بهم لنرى رأينا ، فمن يجيء لنا بهم فبريء ومن لم يكتب لنا أحدا فليضمن لنا من في عرافته ان لا يخالفنا منهم مخالف ولا يبغي علينا منهم باغ ، فمن لم يفعل برئت منه الذمة وحلال لنا دمه وماله ، وايما عريف وجد في عرافته من بغية أمير المؤمنين احد لم يرفعه الينا صلب على باب داره وألغيت تلك العرافة من العطاء.
ولما سمع مسلم بن عقيل مجيء عبيد الله الى الكوفة ومقالته التي قالها وما أخذ به العرفاء والناس خرج من دار المختار الى دار هاني بن عروة في جوف الليل ودخل في أمانه ، فأخذت الشيعة تختلف اليه في دار هاني على
__________________
(١) جمع عريف كأمير وهو الرئيس ، والظاهر انه كان يجعل لكل قوم رئيس من قبل السلطان يطالب بأمورهم يسمى العريف كما هو متعارف الى اليوم ، وكان يجعل للعرفاء رؤساء يقال لهم المناكب (منه).
(٢) أي الشيعة الذين بايعوا مسلما للحسين عليهالسلام (منه).
(٣) قوم من الخوارج كانوا في أول امرهم اجتمعوا بموضع يقال له حروراء فنسبوا اليه.
(منه).