له مسلم بن عمرو : أتراها ما ابردها لا والله لا تذوق منها قطرة ابدا حتى تذوق الحميم في نار جهنم ، فقال له مسلم : ويلك من أنت؟ فقال : انا الذي عرف الحق اذ أنكرته ونصح لامامه اذ غششته واطاعه اذ خالفته ، انا مسلم بن عمرو الباهلي ، فقال له ابن عقيل : لأمك الثكل ما أجفاك وأفظك وأقسى قلبك انت يا ابن باهلة أولى بالحميم والخلود في نار جهنم مني ، ثم جلس فتساند الى الحائط وبعث عمرو بن حريث وقيل عمارة بن عقبة غلاما له فأتاه بقلة عليها منديل وقدح فصب فيه ماء فقال له : اشرب ، فأخذ كلما شرب امتلأ القدح دما من فمه فلا يقدر ان يشرب ففعل ذلك مرة أو مرتين ، فلما ذهب في الثالثة ليشرب سقطت ثناياه في القدح فقال : الحمد لله لو كان لي من الرزق المقسوم لشربته ، وفي ذلك يقول المؤلف من قصيدة يرثي بها مسلما رضي الله عنه :
يا مسلم بن عقيل لا أغب ثرى |
|
ضريحك المزن هطالا وهتانا |
بذلت نفسك في مرضاة خالقها |
|
حتى قضيت بسيف البغي ظمآنا |
كأنما نفسك اختارت لها عطشا |
|
لما درت ان سيقضي السبط عطشانا |
فلم تطق ان تسيغ الماء عن ظمأ |
|
من ضربة ساقها بكر بن حمرانا |
وخرج رسول ابن زياد فأمر بادخاله اليه ، فلما دخل مسلم لم يسلم عليه بالأمرة ، فقال له الحرسي : الا تسلم على الأمير فقال : ان كان يريد قتلي فما سلامي عليه وان كان لا يريد قتلي فليكثرن سلامي عليه ، فقال له ابن زياد : لعمري لتقتلن ، قال : فدعني أوصي الى بعض قومي ، قال : افعل ، فنظر مسلم الى جلساء ابن زياد وفيهم عمر بن سعد فقال : يا عمران بيني وبينك قرابة ولي اليك حاجة وهي سر ، فامتنع عمر أن يسمع منه ، فقال له ابن زياد : ولم تمتنع ان تنظر في حاجة ابن عمك ، فقام معه فجلس بحيث ينظر اليهما ابن زياد ، فقال له : ان علي بالكوفة دينا سبعمائة درهم فبع سيفي