الحسين عليهالسلام : اللهم اقتله عطشا ولا تغفر له ابدا. قال حميد بن مسلم والله لعدته بعد ذلك في مرضه ، فو الله الذي لا اله غيره لقد رأيته يشرب الماء حتى يبغر (١) ثم يقيء ويصيح العطش العطش ، ثم يعود فيشرب الماء حتى يبغر ثم يقيئه ويتلظى عطشا ، فما زال ذلك دأبه حتى هلك.
فلما اشتد العطش على الحسين عليهالسلام وأصحابه أمر أخاه العباس بن علي عليهالسلام فسار في عشرين راجلا يحملون القرب وثلاثين فارسا فجاؤوا حتى دنوا من الماء ليلا وأمامهم نافع بن هلال البجلي يحمل اللواء ، فقال عمرو بن الحجاج من الرجل؟ قال : نافع ، قال : ما جاء بك؟ قال : جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه ، قال : فاشرب هنيئا ، قال : لا والله لا أشرب منه قطرة والحسين عطشان هو وأصحابه ، فقالوا : لا سبيل الى سقي هؤلاء انما وضعنا بهذا المكان لنمنعهم الماء ، فقال نافع لرجاله : املأوا قربكم فملأوها ، وسار اليهم عمرو بن الحجاج وأصحابه فحمل عليهم العباس ونافع بن هلال فكشفوهم وأقبلوا بالماء ، ثم عاد عمرو بن الحجاج وأصحابه وأرادوا ان يقطعوا عليهم الطريق ، فقاتلهم العباس وأصحابه حتى ردوهم وجاؤوا بالماء الى الحسين عليهالسلام.
وضيق القوم على الحسين عليهالسلام حتى نال منه العطش ومن أصحابه ، فقال له يزيد بن الحصين (٢) الهمداني : يا ابن رسول الله أتأذن لي ان أخرج الى القوم فاذن له فخرج اليهم ، فقال : يا معشر الناس ان الله عزوجل بعث محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا ، وهذا
__________________
(١) بغر البعير كفرح ومنع شرب ولم يرو فأخذه داء من الشرب ، والبغر بالتحريك كثرة شرب الماء او داء وعطش ، كذا في القاموس (منه).
(٢) كذا وجد ويحتمل ان يكون الصواب برير بن خضير وقد وقع في عدة مواضع برير بن خضير في بعض الكتب ويزيد بن حصين في بعض آخر ، فالظاهر انه صحف احدهما بالآخر والتعدد ممكن (منه).