أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ) أن بما فى حيزها ساد مسد مفعولى اعلموا باعتبار ما بعده من قوله تعالى (لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) فإنه حال من أحد الضميرين فى فيكم والمعنى أن فيكم رسول الله كائنا على حالة يجب عليكم تغييرها أو كائنين على حالة الخ وهى أنكم تريدون أن يتبع عليه الصلاة والسلام رأيكم فى كثير من الحوادث ولو فعل ذلك لوقعتم فى الجهد والهلاك وفيه إيذان بأن بعضهم زينوا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم الإيقاع ببنى المصطلق تصديقا لقول الوليد وأنه عليه الصلاة والسلام لم يطع رأيهم وأما صيغة المضارع فقد قيل إنها للدلالة على أن امتناع عنتهم لامتناع استمرار طاعته عليه الصلاة والسلام لهم لأن عنتهم إنما يلزم من استمرار الطاعة فيما يعن لهم من الأمور إذ فيه اختلال أمر الإبالة وانقلاب الرئيس مرؤسا لا من إطاعته فى بعض ما يرونه نادرا بل فيها استمالتهم بلا معرة وقيل إنها للدلالة على أن امتناع عنتهم لاستمرار امتناع طاعته عليه الصلاة والسلام لهم فى ذلك فإن المضارع المنفى قد يدل على استمرار النفى بحسب المقام كما فى نظائر قوله تعالى (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) والتحقيق أن الاستمرار الذى تفيده صيغة المضارع يعتبر تارة بالنسبة إلى ما يتعلق بالفعل من الأمور الزمانية المتجددة وذلك بأن يعتبر الاستمرار فى نفس الفعل على الإبهام ثم يعتبر تعلق ما يتعلق به بيانا لما فيه الاستمرار وأخرى بالنسبة إلى ما يتعلق به من نفس الزمان المتجدد وذلك إذا اعتبر تعلقه بما يتعلق به أولا ثم اعتبر استمراره فيتعين أن يكون ذلك بحسب الزمان فإن أريد باستمرار الطاعة استمرارها وتجددها بحسب تجدد مواقعها الكثيرة التى يفصح عنها قوله تعالى (فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ) فالحق هو الأول ضرورة أن مدار امتناع العنت هو امتناع ذلك الاستمرار سواء كان ذلك الامتناع بعدم وقوع الطاعة فى أمر ما من تلك الأمور الكثيرة أصلا أو بعدم وقوعها فى كلها مع وقوعها فى بعض يسير منها حتى لو لم يمتنع ذلك الاستمرار بأحد الوجهين المذكورين بل وقعت الطاعة فيما ذكر من كثير من الأمر فى وقت من الأوقات وقع العنت قطعا وإن أريد به استمرار الطاعة الواقعة فى الكل وتجددها بحسب تجدد الزمان واستمراره فالحق هو الثانى فإن مناط امتناع العنت حينئذ ليس امتناع استمرار الطاعة المذكورة ضرورة أنه موجب لوقوع العنت بل هو الاستمرار الزمانى لامتناع تلك الطاعة الواقعة فى تلك الأمور الكثيرة بأحد الوجهين المذكورين حتى لو لم يستمر امتناعها بأن وقعت تلك الطاعة فى وقت من الأوقات وقع العنت حتما واعلم أن الأحق بالاختيار والأولى بالاعتبار هو الوجه الأول لأنه أوفق بالقياس المقتضى لاعتبار الامتناع واردا على الاستمرار حسب ورود كلمة لو المفيدة للأول على صيغة المضارع المفيدة للثانى على أن اعتبار الاستمرار ورودا على النفى على خلاف القياس بمعونة المقام إنما يصار إليه إذا تعذر الجريان على موجب القياس أو لم يكن فيه مزيد مزية كما فى مثل قوله تعالى (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) حيث حمل على استمرار نفى الحزن عنهم إذ ليس فى نفى استمرار الحزن مزيد فائدة وأما إذا انتظم الكلام مع مراعاة موجب القياس حق الانتظام فالعدول عنه تمحل لا يخفى وقوله تعالى (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ) الخ تجريد للخطاب وتوجيه له إلى بعضهم بطريق* الاستدراك بيانا لبراءتهم عن أوصاف الأولين وإحمادا لأفعالهم أى ولكنه تعالى جعل الإيمان