(وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ) (٧)
____________________________________
بعض من وراء هذه وبعض من وراء تلك فأسند فعل الأبعاض إلى الكل وقد جوز أن يكونوا قد نادوه من وراء الحجرة التى كان عليه الصلاة والسلام فيها ولكنها جمعت إجلالا له عليه الصلاة والسلام وقيل إن الذى ناداه عيينة بن حصن الفزارى والأقرع بن حابس وفدا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى سبعين رجلا من بنى تميم وقت الظهيرة وهو راقد فقالا يا محمد اخرج إلينا وإنما* أسند النداء إلى الكل لأنهم رضوا بذلك أو أمروا به أو لأنه وجد فيما بينهم (أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) إذ لو كان لهم عقل لما تجاسروا على هذه المرتبة من سوء الأدب (وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ) أى ولو تحقق صبرهم وانتظارهم حتى تخرج إليهم فإن أن وإن دلت بما فى حيزها على المصدر لكنها تفيد بنفسها التحقق والثبوت الفرق البين بين قولك بلغنى قيامك وبلغنى أنك قائم وحتى تفيد أن الصبر ينبغى أن يكون مغيا بخروجه عليه الصلاة والسلام فإنها مختصة بما هو غاية للشىء فى نفسه ولذلك تقول أكلت السمكة حتى رأسها ولا تقول حتى نصفها أو ثلثها بخلاف إلى فإنها عامة وفى إليهم إشعار بأنه لو خرج* لا لأجلهم ينبغى أن يصبروا حتى يفاتحهم بالكلام أو يتوجه إليهم (لَكانَ) أى الصبر المذكور (خَيْراً لَهُمْ) من الاستعجال لما فيه من رعاية حسن الأدب وتعظيم الرسول الموجبين للثناء والثواب والإسعاف* بالمسؤل إذ روى أنهم وفدوا شافعين فى أسارى بنى العنبر فأطلق النصف وفادى النصف (وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) بليغ المغفرة والرحمة واسعهما فلن يضيق ساحتهما عن هؤلاء إن تابوا وأصلحوا (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) أى فتعرفوا وتفحصوا روى أنه عليه الصلاة والسلام بعث الوليد ابن عقبة أخا عثمان رضى الله عنه لأمه مصدقا إلى بنى المصطلق وكان بينه وبينهم أحنة فلما سمعوا به استقبلوه فحسب أنهم مقاتلوه فرجع وقال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم قد ارتدوا ومنعوا الزكاة فهم عليه الصلاة والسلام بقتالهم فنزلت وقيل بعث إليهم خالد بن الوليد فوجدهم منادين بالصلاة متهجدين فسلموا إليه الصدقات فرجع وفى ترتيب الأمر بالتبين على فسق المخبر إشارة إلى قبول خبر الواحد* العدل فى بعض المواد وقرىء فتثبتوا أى توقفوا إلى أن يتبين لكم الحال (أَنْ تُصِيبُوا) حذارا أن* تصيبوا (قَوْماً بِجَهالَةٍ) ملتبسين بجهالة حالهم (فَتُصْبِحُوا) بعد ظهور براءتهم عما أسند إليهم (عَلى ما فَعَلْتُمْ) فى حقهم (نادِمِينَ) مغتمين غما لازما متمنين أنه لم يقع فإن تركيب هذه الأحرف الثلاثة يدور مع الدوام (وَاعْلَمُوا