(وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤) أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥) وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) (١٧)
____________________________________
(وَإِخْوانُ لُوطٍ) قيل كانوا من أصهاره عليه الصلاة والسلام (وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) هم ممن بعث إليهم* شعيب عليهالسلام غير أهل مدين (وَقَوْمُ تُبَّعٍ) سبق شرح حالهم فى سورة الدخان (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ) أى فيما أرسلوا به من الشرائع التى من جملتها البعث الذى أجمعوا عليه قاطبة أى كل قوم من الأقوام المذكورين كذبوا رسولهم أو كذب جميعهم جميع الرسل بالمعنى المذكور وإفراد الضمير باعتبار لفظ الكل أو كل واحد منهم كذب جمع الرسل لاتفاقهم على الدعوة إلى التوحيد والإنذار بالبعث والحشر فتكذيب واحد منهم تكذيب للكل وهذا على تقدير رسالة تبع ظاهر وأما على تقدير عدمها وهو الأظهر فمعنى تكذيب قومه الرسل تكذيبهم بمن قبلهم من الرسل المجمعين على التوحيد والبعث وإلى* ذلك كان يدعوهم تبع (فَحَقَّ وَعِيدِ) أى فوجب وحل عليهم وعيدى وهى كلمة العذاب وفيه تسلية للرسول صلىاللهعليهوسلم وتهديد لهم (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) استئناف مقرر لصحة البعث الذى حكيت أحوال المنكرين له من الأمم المهلكة والعى بالأمر العجز عنه يقال عى بالأمر وعيى به إذا لم يهتد لوجه عمله والهمزة للإنكار والفاء للعطف على مقدر ينبىء عنه العى من القصد والمباشرة كأنه* قيل أقصدنا الخلق الأول فعجزنا عنه حتى يتوهم عجزنا عن الإعادة (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) عطف على مقدر يدل عليه ما قبله كأنه قيل هم غير منكرين لقدرتنا على خلق الأول بل هم فى خلط وشبهة فى خلق مستأنف لما فيه من مخالفة العادة وتنكير خلق لتفخيم شأنه والإشعار بخروجه عن حدود العادات والإيذان بأنه حقيق بأن يبحث عنه ويهتم بمعرفته (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ) أى ما تحدثه به نفسه وهو يخطر بالبال والوسوسة الصوت الخفى ومنه وسواس الحلى والضمير* لما إن جعلت موصولة والباء كما فى صوت بكذا أو للإنسان وإن جعلت مصدرية والباء للتعدية (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) أى أعلم بحاله ممن كان أقرب إليه من حبل الوريد عبر عن قرب العلم بقرب الذات تجوزا لأنه موجب له وحبل الوريد مثل فى فرط القرب والحبل العرق وإضافته بيانية والوريدان عرقان مكتنفان بصفحتى العنق فى مقدمها متصلان بالوتين يردان من الرأس إليه وقيل سمى وريدا لأن الروح ترده (إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ) منصوب بما فى أقرب من معنى الفعل والمعنى أنه لطيف يتوصل علمه إلى ما لا شىء أخفى منه وهو أقرب من الإنسان من كل قريب حين يتلقى ويتلقن الحفيظان ما يتلفظ به وفيه إيذان بأنه تعالى غنى عن استحفاظهما لإحاطة علمه بما يخفى عليهما وإنما ذلك لما فى كتبتهما وحفظهما لأعمال العبد وعرض صحائفهما يوم يقوم الأشهاد وعلم العبد بذلك مع علمه