(مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (٢٥) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ (٢٦) قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٢٧) قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨) ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) (٢٩)
____________________________________
أو لواحد على تنزيل تثنية الفاعل منزلة تثنية الفعل وتكريره كقول من قال[فإن تزجرانى يا ابن عفان أنزجر * وإن تدعانى أحم عرضا ممنعا] أو على أن الألف بدل من نون التأكيد على إجراء الوصل مجرى الوقف ويؤيده أنه قرىء ألقين بالنون الخفيفة (عَنِيدٍ) معاند للحق (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) كثير المنع للمال عن حقوقه المفروضة وقيل المراد بالخير الإسلام فإن الآية نزلت فى الوليد بن المغيرة لما منع بنى أخيه منه (مُعْتَدٍ) ظالم متخط للحق (مُرِيبٍ) شاك فى الله وفى دينه (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) مبتدأ متضمن لمعنى الشرط خبره (فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ) أو بدل من (كُلَّ كَفَّارٍ) وقوله تعالى (فَأَلْقِياهُ) تكرير* للتوكيد أو مفعول لمضمر يفسره فألقياه (قالَ قَرِينُهُ) أى الشيطان المقيض له وإنما استؤنف استئناف الجمل الواقعة فى حكاية المقاولة لما أنه جواب لمحذوف دل عليه قوله تعالى (رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) فإنه منبىء* عن سابقة كلام اعتذر به الكافر كأنه قال هو أطغانى فأجاب قرينه بتكذيبه وإسناد الطغيان إليه بخلاف الجملة الأولى فإنها واجبة العطف على ما قبلها دلالة على أن الجمع بين مفهوميهما فى الحصول أعنى مجىء كل نفس مع الملكين وقول قرينه (وَلكِنْ كانَ) هو بالذات (فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) من الحق فأعنته* عليه بالإغواء والدعوة إليه من غير فسر وإلجاء كما فى قوله تعالى (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) (قالَ) استئناف مبنى على سؤال نشأ مما قبله كأنه قيل فماذا قال الله تعالى فقيل قال (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ) أى فى موقف الحساب والجزاء إذ لا فائدة فى ذلك (وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) * على الطغيان فى دار الكسب فى كتبى وعلى ألسنة رسلى فلا تطمعوا فى الخلاص عنه بما أنتم فيه من التعلل بالمعاذير الباطلة والجملة حال فيها تعليل للنهى على معنى لا تختصموا وقد صح عندكم أنى قدمت إليكم بالوعيد حيث قلت لإبليس لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين فاتبعتموه معرضين عن الحق فلا وجه للاختصام فى هذا الوقت والباء مزيدة أو معدية على أن قدم بمعنى تقدم وقد جوز أن يكون قدمت واقعا على قوله تعالى (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) الخ ويكون بالوعيد متعلقا بمحذوف هو حال من المفعول أو الفاعل أى وقد قدمت إليكم هذا القول ملتبسا بالوعيد مقترنا به أو قدمته إليكم موعدا لكم به فلا تطمعوا أن أبدل وعيدى والعفو عن بعض المذنبين لأسباب داعية إليه ليس بتبديل فإن دلائل العفو تدل على تخصيص الوعيد وقوله تعالى (وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) وارد لتحقيق الحق على الوجه*